الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٣٧١
محمد قال إذا أراد الإنسان أن يبتاع الشيء منكم فابتاعوه ثم بيعوه منه وروى بن عيينة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير قال بعت طعاما من عمر بن عثمان بنسيئة إلى أجل وبعض الطعام عندي وبعضه ليس عندي وربحت مالا كثيرا فأتاني رسولا عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس فقالا ما كان عندك فاقبضه وما لم يكن عندك فاردده وذكر بن وهب قال أخبرني عثمان بن وكيل قال سمعت عبيد الله بن عمر يقول كنت أتعين لأبي ولبعض أهلي فسألت القاسم بن محمد عن ذلك فقال لو أن رجلا أتى إلى رجل فقال إن لي حاجة براوية أو راويتين فذهب الرجل إلى السوق فابتاع الراوية أو الراويتين ثم جاء إلى صاحبه فقال عندي حاجتك وباعها منه لم أر بذلك بأسا قال وأحب إلي أن يمسكها حتى الغد قال عثمان فهذا قول حسن قال عثمان ورأيت مالك بن انس يقول أحب إلى إذا جاء الذي يطلب العينة أن يقول له ليس عندي شيء أبيعه ثم يذهب [إلى السوق] فيشتري ثم يأتيه بعد أن يشتري الطعام فيقول عندي حاجتك فإن وافقه ذلك الطعام باعه منه قال عثمان وأنا أرى قول بن القاسم نحوا من هذا لأنه ليس فيه رأي ولا يجده وإن وقع فيه البيع على ما وصفنا قيل للبائع إن أعطيت السلعة لمبتاعها منك بما اشتريتها منك جاز ذلك لأنه إنما أسلفه الثمن الذي ابتاعها به ولئن باعها من الذي سأله أن يشتريها له بأكثر مما اشتراها فسخ البيع إلا أن يفوت السلعة فيكون لبائعها قيمتها يوم باعها نقدا وقد روى مالك أنه لا يفسخ البيع لأن المأمون كان ضامنا للسلعة لو هلكت قال بن القاسم وأحب إلي أن لو تورع عن أخذ ما ازداد عليه قال عيسى بن دينار بل [من يفسخ البيع] إلا أن يفوت [السلعة] فيكون فيها القيمة [قال أبو عمر على هذا سائر الفقهاء بالعراق والحجاز وهو قول مالك لو كانت السلعة طعاما لم يختلف قوله في ذلك لأنه باع طعاما ليس عنده قبل أن يستوفيه وكأنه حمل نهيه صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن وبيع ما ليس عندك على الطعام يتعين وشك في غير الطعام والله أعلم
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»