الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٣٢٧
وقد أجمعوا على أن الجنس الواحد من المأكولات يدخله الربا من وجهين لا يجوز بعضه ببعض متفاضلا ولا بعضه ببعض نسيئة إلا أن كل واحد منهم على أصله المذكور في الاقتيات وغيره والكيل والوزن وغيرهما والجنس الواحد من الطعام كالذهب بالذهب لا يجوز شيء منه بشيء متفاضلا ولا نسيئة وكذلك الورق بالورق فإذا اختلف الجنسان ذهبا بورق جاز فيهما التفاضل يدا بيد ولا تحل فيهما النسيئة وهكذا الطعام وسنذكر اختلافهم في أصنافه في موضعها - إن شاء الله تعالى وفيه أن من لم يعلم بتحريم الشيء فلا حرج عليه حتى يعلم إذا كان ذلك الباب مما يعذر الإنسان بجهله من علم الخاصة قال الله عز وجل * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * [الإسراء 15] ومثله قوله عز وجل * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) * [التوبة 115] والبيع إذا وقع محرما فهو مفسوخ مردود وإن جهله فاعله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر برد هذا البيع من حديث بلال بن رباح ومن حديث أبي سعيد الخدري أيضا وروى منصور وقيس بن الربيع عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن بلال قال كان عندي تمر دون فابتعت أجود منه في السوق بنصف كيله صاعين بصاع وأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ((من أين لك هذا)) فحدثته بما صنعت فقال ((هذا الربا بعينه انطلق فرده على صاحبه وخذ تمرك وبعه بحنطة أو شعير ثم اشتر من هذا التمر ثم ائتني به)) ففعلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((التمر بالتمر مثلا بمثل
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»