الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٢٣٧
زوجها اشتكت عينيها فبلغ ذلك منها اكتحلي بكحل الجلاء بالليل وامسحيه بالنهار [وفي هذا الحديث عن أم سلمة إباحة الكحل للمتوفى عنها زوجها بالليل وتمسحه بالنهار] وكحل الجلاء هو الصبر ها هنا وهو مما يجلو البصر وفي الحديث المسند المتقدم ذكره لمالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد عن نافع عن زينب بنت أم سلمة أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفنكحلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا)) مرتين أو ثلاثا ولم يرخص لها في الكحل ليلا ولا نهارا وذكر مالك في هذا الباب أيضا أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة وقد جعلت على عينيها صبرا فقال ما هذا يا أم سلمة فقالت إنما هو صبر يا رسول الله قال ((فاجعليه بالليل وامسحيه بالنهار)) وهذا تفسير كحل الجلاء المذكور في البلاغ الأول عن أم سلمة أنه كان صبرا والله أعلم ويحتمل أن يكون مع الصبر الإثمد وما يتزين به فلذلك أمرها بمسحه بالنهار ويدل أيضا على أنه كحل لا طيب فيه لأنه لو كان فيه طيب لم يبح لها شيء منه [لا ليلا] ولا نهارا وقد روى معمر عن أيوب عن بن سيرين أن أم سلمة سئلت عن الإثمد للمتوفى عنها زوجها فقالت لا وإن فقئت عيناها وأما أقاويل الفقهاء في هذا الباب فقال مالك فيما ذكر بن عبد الحكم عنه لا تكتحل المتوفى عنها زوجها بالإثمد ولا بشيء فيه سواد أو صفرة أو شيء يغير الألوان ولا تكتحل بإثمد فيه طيب ولا مسك وإن اشتكت [عيناها] عينيها وقال الشافعي كل كحل كان [فيه] زينة فلا خير فيه فأما الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس به لأنه ليس بزينة بل
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»