الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٨٠
الرؤوس قبلكم كانت تنزل نار من السماء فتأكلها فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله تعالى * (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) *) (1) إلى آخر الآيتين [الأنفال 68 - 69] وأما قوله صلى الله عليه وسلم ((أدوا الخائط والمخيط)) ويروى الخياط والمخيط فالخائط واحد الخيط والمخيط الإبرة ومن رواه الخياط فقد يكون الخياط الخيوط ويكون الخياط المخيط وهي الإبرة ومنه قوله عز وجل * (حتى يلج الجمل في سم الخياط) * [الأعراف 40] ولا خلاف أن الرواية المخيط بكسر الميم وقال الفراء يقال خياط ومخيط كما يقال لحاف وملحف وقناع ومقنع وإزار ومئزر وقرام ومقرم قال أبو عمر وهذا كلام خرج على القليل ليكون ما فوقه أحرى بالدخول في معناه كما قال تعالى * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * [الزلزلة 7 - 8] وفيه أن الغلول كثيره وقليله حرام وأنه عار وشنار والشنار كلمة تجمع العار والنار ومنهم من قال تجمع الشين والنار ومعنى ذلك منقصة في الدنيا وعذاب في الآخرة والغلول من حقوق الآدميين ولا بد فيه من القصاص في الدنيا بالمال أو في الآخرة بالحسنات والسيئات وأما قوله ((ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم)) فإنه أراد ((إلا الخمس فإن العمل فيه برأيي واجتهادي)) لأن الأربعة الأخماس من الغنيمة مقسومة على أهلها ممن حضر القتال من رفيع أو وضيع وقد ذكرنا ما للعبد والأجير والمرأة والتاجر من الغنيمة في موضعه وذكرنا كيف قسمة الغنيمة للفارس والراجل في موضعه أيضا وأما الخمس فكان مالك لا يرى قسمته أخماسا وقال حكمه حكم الفيء وقسمته مردودة إلى اجتهاد الإمام
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»