الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٥٨
قال أبو عمر سواء عند مالك اشترى الحر بأمره أو بغير أمره وجوابه فيه ما ذكر في الموطأ وكذلك العبد سواء اشتراه بإذن سيده أو بغير إذنه إلا أنه إذا لزمه بأمره لزمه ما اشتراه به إلا أن يكون أكثر من قيمته ما لا يتغابن بمثله فيعود إلى التخيير وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري ليس على الأسير الحر من الثمن الذي اشتراه به إلا أن يكون أمره بالشراء قال أبو عمر الحجة لمالك أن فداء الأسير لنفسه من أرض العدو واجب عليه ومقامه مع قدرته على الفداء لا يجوز له فالذي اشتراه إنما فعل ما يلزمه فوجب عليه أن يرجع عليه بما اشتراه به ومن قال بقول الكوفيين يقول إن الضمان غير متعلق بالوجوب بدليل وجوب فداء الأسير على جماعة المسلمين وإجماعهم على أنه لو أمره بالفداء رجع به عليه دون جماعة المسلمين فإذا لم يأمره لم يكن له أن يثبت عليه دين إلا بأمره قال أبو عمر قول مالك أولى لأنه المقدم على جماعة المسلمين في فداء نفسه إذا قدر عليه وقال الأوزاعي لو أسر ذمي ففداه مسلم بغير أمره استسعاه فيه وأما العبد فليس على سيده شيء مما اشتراه أو فداه به التاجر بغير أمر السيد لأنه متطوع بفعله ويأخذ السيد عبده كما يأخذه قبل القسم وأما أبو حنيفة فقال إذا اشترى فأخذه إلى دار الإسلام كان لمولاه أخذه بالثمن فإن وهبه المشتري لرجل قبل أن يأخذه مولاه ثم جاء المولى لم يكن له فسخ الهبة ولكنه يأخذه من الموهوب له بقيمته يوم وهبه وروى أشهب عن مالك أنه قال لو أعتق المشتري بطل عتقه وأخذه مولاه بالثمن الذي اشتراه به قال أشهب فهبة المشتري أحق أن تبطل ويأخذه مما اشتراه به وهو قول أشهب وبن نافع وقال بن القاسم إن أعتقه لم يكن للمولى سبيل ولا ينقض البيع إن باعه ولا الهبة وإنما له الثمن وقال الحسن بن حي إن باعه أخذه المولى من المشتري الثاني بالثمن الذي أخذه الأول من العدو فإن كان أقل رجع بما بين الثمنين على الذي باعه منه
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»