الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٢٧
وقد رواه يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس عن أم حرام فقال فيه مثل الملوك على الأسرة من غير شك وهذا الخبر إنما ورد تنبيها على فضل الغزو في البحر وفيه إباحة النساء للجهاد وقد قالت أم عطية كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة اختلف الفقهاء في الإسهام للنساء من الغنيمة فقال بن وهب سألت مالكا عن النساء هل يحذين من المغانم في الغزو قال ما علمت ذلك وقال أبو حنيفة والثوري والليث والشافعي لا سهم لامرأة ويرضخ لها وقال الأوزاعي يسهم لها وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء بخيبر قال الأوزاعي وأخذ بذلك المسلمون عندنا قال أبو عمر أحسن شيء في هذا الباب ما كتب به بن عباس إلى نجدة الخارجي أن النساء كن يحضرن فيداوين المرضى ويحذين من الغنيمة ولم يضرب فيه بسهم (1) وفيه إباحة ركوب البحر للنساء وكان مالك يكره للمرأة الحج في البحر وهو في الجهاد كذلك أكره قال أبو عمر إنما كره ذلك مالك لأن المرأة لا تكاد تغض بصرها عن الراكبين فيه عن الملاحين وغيرهم وهم لا يستترون في كثير من الأوقات وكذلك لا تقدر كل امرأة عند حاجة الإنسان على الاستتار في المركب في الرجال ونظرها إلى عورات الرجال ونظرهم إليها حرام فلم ير استباحة فضيلة بمدافعة ما حرم الله تعالى وكانت أم حرام مع زوجها وكان الناس خلاف ما هم عليه اليوم والله أعلم وفيه دليل على جواز ركوب البحر للحج لأنه إذا ركب للجهاد فركوبه للحج أولى إذا كان في أداء فريضة الحج ذكر مالك أن عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من ركوب البحر طول حياته
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»