الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٩٤
وفي إنكار سعد على الضحاك قوله دليل على أن العالم يلزمه إنكار ما سمعه من كل قول يضاف به إلى العلم ما ليس بعلم إنكارا فيه رفق وتوءدة ألا ترى قول سعيد له ليس ما قلت يا بن أخي فلما أخبره الضحاك أن عمر نهى عنها لم ير ذلك حجة لما كان عنده حجة من السنة وقال صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه وكذلك قال عمران بن حصين نزل القرآن بالتمتع وصنعناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قال رجل بدا له ما شاء قال أبو عمر يعني عمر (رضي الله عنه) وقد كان بن عمر يخالف أباه في ذلك فكان يقول ما ذكره مالك في هذا الباب 730 - عن صدقة بن يسار عنه قال والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدى أحب إلي أن أعتمر بعد الحج قال أبو عمر التمتع الذي قدمنا ذكره عن جمهور العلماء وأئمة الفتوى ثم القران وجهان من التمتع والوجه الثالث هو فسخ الحج في عمرة وجمهور العلماء يكرهونه وقد ذكرنا من مال إليه وقال به في غير هذا الباب من هذا الكتاب والوجه الرابع ما ذهب إليه بن الزبير أن التمتع هو تمتع المحصر وهو محفوظ عن بن الزبير من وجوه منها ما رواه وهيب قال حدثنا إسحاق بن سويد قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يخطب ويقول يا أيها الناس إنه والله ليس التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج فيأتي البيت ويطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحل ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل ثم يحل ويهدي وأما نهي عمر بن الخطاب عن التمتع فإنما هو عندي نهي أدب لا نهي تحريم لأنه كان يعلم أن التمتع مباح وأن القران مباح وأن الإفراد مباح فلما صحت عنده الإباحة والتخيير في ذلك كله اختار الإفراد فكان يحض على ما هو المختار عنده ولهذا كان يقول أفصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»