الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٦٤
فقال مالك يضاف الحج إلى العمرة ولا تضاف العمرة إلى الحج قال فمن فعل ذلك فليست العمرة بشيء ولا يلزمه لذلك شيء وهو حج مفرد وكذلك من أهل بحجة فأدخل عليها حجة أخرى وأهل بحجتين لم يلزمه إلا واحدة ولا شيء عليه وبهذا قال الشافعي في المشهور من مذهبه وقال ببغداد إذا أهل بحجة فقد قال بعض أصحابنا لا يدخل العمرة عليه والقياس أن أحدهما إذا جاز أن يدخل على الآخر فهما سواء وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يدخل الحج على العمرة ولا يدخل العمرة على الحج قال أبو عمر يحتمل من قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول من قال إفراد الحج أي أمر به وأجازه وجاز أن يضاف ذلك إليه كما قال (عز وجل) * (ونادى فرعون في قومه) * [الزخرف 51] أي أمر فنودي وإذا أمر الرئيس بالشيء جاز أن يضاف فعله إليه كما يقال رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزنى وقطع في السرقة وتقول العرب حضرت زرعي ونحو ذلك إذا كان ذلك باد فيه والاختلاف هنا واسع جدا لأنه مباح كله بإجماع من العلماء والحمد لله قال أبو حنيفة من أهل بحجتين أو عمرتين لزمتاه وصار رافضا لإحداهما حين يتوجه إلى مكة قال أبو يوسف تلزمه الحجتان فيصير رافضا لإحداهما ساعتئذ قال محمد بن الحسن يقول مالك والشافعي تلزمه الواحدة إذا أهل بهما جميعا لا شيء عليه وقال أبو ثور إذا أحرم بحجة فليس له أن يضم إليها أخرى وإذا أهل بعمرة فلا يدخل عليها حجة ولا يدخل إحرام على إحرام كما لا تدخل صلاة على صلاة وفي حديث مالك عن أبي الأسود في أول الباب قوله وأما من جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر ففيه أن من كان قارنا أو مفردا ألا يحل دون يوم النحر وهذا معناه أنه يرمي جمرة العقبة يحل له اللباس وإلقاء التفث كله كل الحيل إلا بطواف الإفاضة فهو الحل كله لمن رمى جمرة العقبة قبل ذلك يوم النحر ضحى ثم طاف الطواف المذكور وهذا لا خلاف فيه
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»