الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٤١٠
قال أبو عمر يريد بقوله الاستثناء أن يشترط ويستثني فيقول عند إحرامه لبيك اللهم لبيك حجا أو عمرة إلا أن يمنعني منه ما لا أقدر على النهوض فيكون محلي حيث حبستني ولا شيء علي فإذا قال ذلك كان له شرطه وما استثناه إن نابه شيء أو عاقه عائق يقوم محله في ذلك الموضع ولا شيء عليه وهذه المسألة اختلف العلماء فيها قديما وحديثا فقال مالك الاشتراط في الحج باطل ويمضي على إحرامه حتى يتمه على سنته ولا ينفعه قوله محلي حيث حبستني وبه قال أبو حنيفة والثوري وهو قول إبراهيم النخعي وبن شهاب الزهري وهو قول بن عمر ذكر عبد الرزاق وأخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول حسبكم سنة رسول الله أنه لم يشترط فإن حبس أحدكم عن الحج حابس فطاف بالبيت فليطف بين الصفا والمروة وليحلق ويقصر وقد حل من كل شيء حتى يحج قابلا ويهدي أو يصوم إن لم يجد هديا وقال الشافعي إن ثبت حديث ضباعة لم أعده ومنهم من يقول الاشتراط [باطل] وروي عن سعيد بن جبير وطاوس أنهما أنكرا الاشتراط في الحج وذهبا فيه مذهب بن عمر وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود لا بأس أن يشترط وينفعه شرطه على ما روي عن النبي عليه السلام وعن غير واحد من الصحابة قال أبو عمر روي الاشتراط في الحج عند الإحرام عن علي وعمر وعثمان وبن عباس وبن مسعود وعمار وجماعة من التابعين بالمدينة منهم سعيد بن المسيب وعروة بالكوفة ومنهم علقمة وعبيدة السلماني وشريح وهو قول عطاء بن أبي رباح
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 » »»