الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٣٢٤
ولا خلاف بين العلماء أن الحج يقيمه السلطان للناس ويستخلف عليه من يقيمه لهم على شرائعه وسننه فيصلون خلفه برا كان أو فاجرا أو مبتدعا ما لم تخرجه بدعته عن الإسلام وفيه أن الرجل الفاضل لا نقيصة عليه في مشيه مع السلطان الجائر فيما يحتاج إليه وفيه أن رواح الإمام من موضع نزوله من عرفة إلى مسجدها حين تزول الشمس للجمع بين الظهر والعصر في المسجد في أول وقت الظهر وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزم ذلك كله من بعد عن المسجد بعرفة أو قرب أن لا يكون موضع نزوله متصلا بالصفوف فإن لم يفعل وصلى بصلاة الإمام فلا حرج وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نزل بعرفة عند الصخرات قريبا من منزل الأمراء اليوم وروي عنه أنه نزل بنمرة من عرفة وحيث ما نزل بعرفة فجائز وكذلك وقوفه منها حيث شاء ما وقف إلا بطن عرنة وقد ذكرنا ما يلزم من وقف ببطن عرنة وما للعلماء في ذلك فإذا زاغت الشمس وراح إلى المسجد بعرفة فيصلي بها الظهر والعصر جميعا مع الإمام في أول وقت الظهر أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني أبو داود قال حدثني أحمد بن حنبل قال حدثني وكيع قال حدثني نافع بن عمر عن سعيد بن حسان عن بن عمر قال لما قتل الحجاج بن الزبير أرسل إلى بن عمر أية ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم قال إذا كان ذلك رحنا فلما أراد بن عمر أن يروح قال أزاغت الشمس قالوا لم تزغ الشمس وقال أزاغت الشمس قالوا لم تزغ ثم قال أزاغت فلما قالوا قد زاغت ارتحل وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له وأتى الوادي وخطب الناس ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم راح إلى الموقف قال أبو عمر هذا كله لا خلاف بين العلماء المسلمين فيه
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»