الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٠٤
وذكر شعبة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان لا يرى بأسا أن يطوف الرجل ثلاثة أسابيع أو خمسة وما كان وترا ويصلي لكل أسبوع ركعتين ويجمعهن وكان يكره سبعين أو أربعا وقال به أبو يوسف أيضا وكان المسور بن مخرمة يفرق بين الأسبوعين قال أبو عمر الحجة لمن كره ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وقال خذوا عني مناسككم فينبغي الاقتداء به والانتهاء إلى ما سنه صلى الله عليه وسلم وعلة من أجاز ذلك أنها صلاة ليس لها وقت فيتعدى والطواف لا وقت له أيضا فحسبه أن يأتي من الطواف بما شاء ويركع لكل أسبوع ركعتين قياسا على من كانت عليه كفارتان في وقتين يجمعهما في وقت واحد وأما كراهة مجاهد الجمع بين السبعين وإجازته ثلاثة أسابيع فإنما ذلك - والله أعلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى الركعتين بعد وتر من طوافه ومن طاف أسبوعين لم ينصرف على وتر فلذلك أجاز أن يطوف ثلاثة أسابيع وخمسة وسبعة ولم يجز اثنين قال أبو عمر ثبتت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين وأجمعوا على قول ذلك وأجمعوا أيضا على أن الطائف يصلي الركعتين حيث شاء من المسجد وحيث أمكنه وأنه إن لم يصل عند المقام أو خلف المقام فلا شيء عليه واختلفوا فيمن نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلاده فقال مالك إن لم يركعهما حتى يرجع إلى بلده فعليه هدي وقال الثوري يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم وقال الشافعي وأبو حنيفة يركعهما حيث ما ذكر من حل أو حرم وحجة مالك في إيجاب الدم في ذلك قول بن عباس من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما وركعتا الطواف من النسك وحجة من أسقط الدم في ذلك أنها صلاة تقضى متى ذكرت لقوله صلى الله عليه وسلم من نام
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»