الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٩٠
قال أبو عمر روي عن أبي هريرة أنه رجع عن هذه الفتوى إلى ما عليه الناس من حديث عائشة ومن وافقها روى عبد الله بن المبارك عن بن أبي ذئب عن سليمان بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أخيه محمد بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول من احتلم أو واقع أهله ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم قال ثم سمعته نزع عن ذلك وروى منصور عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن أبا هريرة كف ذلك لحديث عائشة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه نزع أيضا وأما اختلاف العلماء في هذا الباب فالذي عليه فقه جماعة الأمصار بالعراق والحجاز القول بحديث عائشة وأم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنبا ويصوم ذلك اليوم وهو قول علي وبن مسعود وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي ذر وعبد الله بن عمر وبن عباس ومن الفقهاء أئمة الفتوى بالأمصار مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي والليث وأصحابهم وأحمد وأبو ثور وإسحاق وبن علية وأبو عبيد وداود والطبري وجماعة أهل الحديث وروي عن إبراهيم النخعي وعروة بن الزبير وطاوس أن الجنب في رمضان إذا علم بجنابته فلم يغتسل حتى يصبح فهو مفطر وإن لم يعلم حين يصبح فهو صائم وروي عن الحسن البصري وسالم بن عبد الله أنهما قالا يتم صومه ذلك اليوم ويقضيه إذا أصبح فيه جنبا وقال إبراهيم النخعي في رواية إن ذلك يجزئه في التطوع ويقضي في الفرض وكان الحسن بن حي يستحب لمن أصبح جنبا في رمضان أن يقضي ذلك اليوم وكان يقول يصوم الرجل تطوعا وإذا أصبح جنبا فلا قضاء عليه وكان يدعي على الحائض إذا أدركها الصبح ولم تغتسل أن تقضي ذلك اليوم وذهب عبد الملك بن الماجشون في الحائض إلى نحو هذا المذهب انها إذا طهرت قبل الفجر ثم أخرت غسلها حتى تطلع الشمس فيومها يوم فطر لأنها في
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»