الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
ومعنى قوله لا يجمع بين مفترق أن يكون للرجلين أربعين شاة فإن جمعها صارت فيها شاة ولو فرقها عشرين عشرين لم يكن فيها شيء قالوا ولو كانا شريكين متعارضين لم يجمع بين أغنامهما وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف إذا قيل في الحديث خشية الصدقة هو أن يكون للرجل ثمانون شاة فإذا جاء المصدق قال هو بيني وبين إخوتي لكل واحد منهما عشرون أو يكون له أربعون شاة فيأخذ من إخوته أربعون أربعون فيقول هذه كلها لي فليس فيها إلا شاة واحدة فهذه خشية الصدقة لأن الذي يؤخذ منه يخشى الصدقة وأما إذا لم يقل فيه خشية الصدقة فقد يكون على هذا الوجه وقد يكون على وجه أن يكون يجيء المصدق إلى إخوة ثلاثة ولو أخذ منهم عشرون ومائة شاة فيقول هذه بينكم لكل واحد أربعون أو يكون لهم أربعون فيقول المصدق هذه لواحد منكم قال أبو عمر إنما حمل الكوفيون أبا يوسف وأصحابه على هذا التأويل في معنى الحديث لأنهم لا يقولون إن الخلطة تغير الصدقة وإنما يصدق الخلطاء عندهم صدقة الجماعة وعند غيرهم من العلماء يصدقون صدقة المالك الواحد وسيأتي بيان ذلك في باب صدقة الخلطاء إن شاء الله وما تأولوه في الحديث لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع يرتفع معه فائدة الحديث وللحجة عليهم موضع غير هذا يأتي في باب الخلطاء وقال أبو ثور قوله (عليه السلام) لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع على رب المال والساعي وذلك أن الساعي إذا جاؤوا لرجل عشرون ومائة شاة ففرقها على أربعين أربعين أخذ منه ثلاث شياه ولا يحل للساعي ذلك ولا يحل للساعي أن يجيء إلى قوم لكل واحد منهم عشرون شاة أو ثلاثون فيجمع بينهم ثم يزكيها وكذلك أصحاب المواشي إذا كان لرجل أربعون شاة فكان فيها الزكاة فإذا جاء المصدق فرقها على نفسين أو ثلاثة لئلا يؤخذ منه شيء أو يكون لثلاثة أربعون أربعون شاة فإذا جاء المصدق جمعوها وصيروها لواحد فتأخذ منها شاة فهذا لا يحل لرب الماشية ولا للمصدق وأما قوله في حديث عمر وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فسنذكر وجه التراجع بين الخليطين إذا أخذت الشاة من غنم أحدهما في باب صدقة الخلطاء
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»