الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
واحد منهما إلا شاة واحدة فنهي عن ذلك فقيل لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة قال مالك فهذا الذي سمعت في ذلك قال مالك وقال عمر بن الخطاب لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة أنه إنما يعني بذلك أصحاب المواشي لم يذكر يحيى هذه الكلمة ها هنا في الموطأ وهي عنده في باب صدقة الخلطاء من الموطأ وذكرها غيره من رواة الموطأ وهذا مذهب مالك عند جماعة أصحابه وقال الأوزاعي معنى قوله عليه السلام لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع هو افتراق الخلطاء عند قدوم المصدق يريدون به بخس الصدقة فهذا لا يصلح وقد يراد به الساعي يجمع بين مفترق ليأخذ منه الأكثر مما عليهم اعتداء فأما التفريق بين الخلطاء فالنفر الثلاثة أو أقل أو أكثر من ذلك يكون لكل رجل منهم أربعون شاة فإنما فيها شاة فلا ينبغي للمصدق أن يفرق حتى يأخذ منهم ثلاث شياه ولا يجمع بين مفترق ولا ينبغي للقوم يكون للواحد منهم أربعون شاة على حسبه فإذا جاء المصدق جمعوها ليبخسوه وقال سفيان الثوري التفريق بين المجتمع أن يكون لكل رجل شاة فيفرقها عشرين عشرين لئلا يؤخذ من هذه شيء ولا من هذه شيء وقوله لا يجمع بين مفترق أن يكون لرجل أربعون شاة وللآخر خمسون يجمعانها لئلا يؤخذ منها شاة قال أبو عمر ذهب الثوري أيضا إلى أن المخاطب أرباب المواشي وقال الشافعي لا يفرق بين ثلاثة نفر خلطاء في عشرين ومائة شاة حسبه إذا جمعت بينهم أن يكون فيها شاة لأنها إذا فرقت ففيها ثلاث شياه ولا يجمع بين مفترق رجل له مائة شاة وشاة وآخر له مائة شاة وشاة فإذا تركا على افتراقهما كان فيهما شاتان وإذا جمعتا كان فيها ثلاث شياه ورجلان لهما أربعون شاة فإذا فرقت فلا شيء فيها وإذا جمعت ففيها شاة والخشية خشية الساعي أن تقل الصدقة وخشية رب المال أن تكثر الصدقة وليس واحد منهما أولى باسم الخشية من الآخر فأمر أن يقر كل على حاله إن كان مجتمعا صدق مجتمعا وإن كان مفترقا صدق مفترقا وقال أبو حنيفة وأصحابه معنى قوله عليه السلام لا يفرق بين مجتمع أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة ففيها شاة واحدة فإن فرقها المصدق أربعين أربعين ففيها ثلاث شياه
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»