وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان فما فوقهما جماعة حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الحوطي قال حدثنا بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان فما فوقهما جماعة قال الحوطي حدثت به سفيان بن عيينة في المنام بإسناده فقال صدق قال أبو عمر قد استدل قوم بهذه الأحاديث على الأفضل لكثير الجماعة على قليلها وبما عليه أكثر العلماء فيمن صلى في جماعة اثنين فما فوقهما ألا يعيد في جماعة أخرى بأكثر منها ومعلوم أن إعادة الفذ لما صلى وحده مع الجماعة إنما كان لفضل الجماعة على الانفراد فإذا لم يعد من صلى مع اثنين أو ثلاثة في الجماعة الكثيرة دل على ما وصفناه وقد رويت آثار مرفوعة منها حديث أبي بن كعب وغيره أن صلاة الرجل مع الرجلين أفضل من صلاته وحده وصلاته مع الثلاثة أفضل من صلاته مع الرجلين وكلما كثر كان أزكى وأطيب وهي آثار كثيرة ليست في القوة والثبوت والصحة كآثار هذا الباب وقد قلنا إن الفضائل لا مدخل فيها للقياس والنظر وإنما يقال فيها بما صح التوقيف به والله يتفضل بما شاء من رحمته على من يشاء من عباده وفي هذا الحديث من رواية بن عمر وأبي هريرة دليل على جواز صلاة الفذ وحده وإن كانت صلاة الجماعة أفضل وإذا جازت صلاة الفذ وحده بطل أن يكون شهود صلاة الجماعة فرضا لأنه لو كانت فرضا لم تجز للفذ صلاته وهو قادر على الجماعة تارك لها كما أن الفذ لا يجزئه يوم الجمعة أن يصلي قبل الإمام ظهرا إذا كان ممن تجب عليه الجمعة قد احتج بهذا جماعة من العلماء وعلى هذا أكثر الفقهاء بالحجاز والعراق والشام كلهم يقولون إن حضور الصلاة في جماعة فضيلة وسنة مؤكدة لا ينبغي تركها وليست بفرض ومنهم من قال إنها فرض على الكفاية
(١٣٦)