الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٨١
وهذا تفضل من الله على عباده المؤمنين يجازيهم بما وفقهم له إذا عملوه وإن حال دون العمل حائل جازى صاحبه على النية فيه وقد ذكرنا في التمهيد إسناد قوله صلى الله عليه وسلم نية المؤمن خير من عمله ونية الفاجر شر من عمله وكل يعمل على نيته ومعنى هذا الحديث والله أعلم أن النية بغير عمل خير من العمل بلا نية وتفسير ذلك أن العمل بلا نية لا يرفع ولا يصعد والنية الحسنة تنفع بلا عمل ولا ينفع العمل بغير نية ويحتمل أن يكون المعنى نية المؤمن في الأعمال الصالحة أكثر مما يقوى عليه منها ونية الفاجر في أعمال الشر أكثر مما يعمله منها ولو أنه يعمل كلما ينوي عمله من الشر أهلك الحرث والنسل وقد روى أبو هريرة وبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة (1) إلا أن في حديث بن عباس فإن عملها كتبت عشرا وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة وفي حديث أبي هريرة من هم بحسنة فعملها كتبت عشرا إلى سبع مائة ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت فحديث أبي هريرة مخالف لحديث بن عباس فيمن هم بسيئة فلم يعملها وقد يحتمل أن يكون معنى ما روى بن عباس نحو معنى قول الله تعالى " ولمن خاف مقام ربه جنتان الرحمن 46] وروي عن بن عباس ومجاهد وإبراهيم النخعي قالوا هو الرجل يهم بالمعصية ثم يتركها خوف الله تعالى وقد ذكرنا في التمهيد حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في غزوة تبوك إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا ولا أنفقتم من نفقة إلا وهم
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»