الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٣٠
وقد روي من حديث أبي ذر أنه قال يا رسول الله أي الليل أسمع قال جوف الليل الغابر (1) وقد قالت فرقة منتسبة إلى السنة إنه ينزل بذاته وهذا قول مهجور لأنه تعالى ذكره ليس بمحل للحركات ولا فيه شيء من علامات المخلوقات قال أبو عمر لم يزل الصالحون يرغبون في الدعاء والاستغفار بالأسحار لهذا الحديث وما كان مثله ولقوله تعالى " والمستغفرين بالأسحار [آل عمران 17] روى محارب بن دثار عن عمه قال كنت آتي المسجد في السحر فأمر بدار عبد الله بن مسعود [فأسمعه يقول] اللهم أمرتني فأطعت ودعوتني فأجبت وهذا السحر فاغفر لي فلقيت بن مسعود فقلت له كلمات سمعتك تقولهن في السحر فقال إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر حين قال لهم " سوف أستغفر لكم ربى " [يوسف 98] وروى حماد بن سلمة عن الجريري أن داود (عليه السلام " سأل جبريل (عليه السلام) أي الليل أسمع فقال لا أدري غير أن العرش يهتز بي في السحر 469 وأما حديثه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت كنت نائمة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فلمسته بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول أعوذ برضاك من سخطك [وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك] فقد ذكرنا في التمهيد من أسند هذا الحديث ووصله وهو حديث متصل صحيح رواه أبو هريرة عن عائشة ورواه عروة عن عائشة وقد ذكرنا ذلك كله في التمهيد إلا أن الرواة يقولون فوقعت يدي على قدميه وفي هذا الحديث من الفقه عند أصحابنا دليل على أن اللمس باليد لا ينقض الطهارة إذا لم يكن لغير شهوة
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»