الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٤١
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة سوداء أبت أن تزول له عن الطريق دعوها فإنها جبارة ولقد أحسن أبو العتاهية حيث قال (إذا أردت شريف الناس كلهم * فانظر إلى ملك في زي مسكين) (ذاك الذي عظمت في الله رغبته * وذاك يصلح للدنيا وللدين) وقال صلى الله عليه وسلم يحشر الجبارون المتكبرون يوم القيامة في صور الذر يطأهم الناس بأقدامهم (1) وقد تقدم سائر معنى هذا الحديث 479 وأما حديثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من داع يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وما من داع يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقض ذلك من أوزارهم شيئا فقد ذكرناه بمعناه متصلا مسندا من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم في التمهيد وهو يقتضي أن الإنسان يؤجر فيما كان منه من سنة صالحة ويؤزر في ضد ذلك وقال عكرمة وعطاء وغيرهما لقوله عز وجل * (علمت نفس ما قدمت وأخرت) * [الانفطار 5] قالوا ما قدمت من خير يعمل به بعدها وما أخرت من شر يعمل به بعدها وهذا الحديث من أفضل ما روي في تعليم الخير ونشر العلم من أفضل أعمال البر وتعليم الشر في الوزر مثل ذلك وقد تأول قتادة من هذا الحديث قول الله عز وجل * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * [العنكبوت 13] وتأول عطاء بن أبي رباح في مثل ذلك قول الله عز وجل * (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب) * [البقرة 166] قال تبرأ رؤساؤهم وقادتهم وسادتهم من الذي اتبعوهم
(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 » »»