الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٠٢
وهذا ما بين الحديثين من الاختلاف وكان مالك يقول بحديثه عن يزيد بن رومان أن الإمام ينتظر تمام الطائفة الثانية ويسلم بهم وهو قول الشافعي واختياره ثم رجع مالك عن ذلك إلى حديث يحيى بن سعيد عن القاسم أن الإمام يسلم إذا أكمل صلاته ويقوم من وراءه فيأتون بركعة ويسلمون وقد زاد بن القاسم في الموطأ في آخر حديث يحيى بن سعيد وقال مالك هذا الحديث أحب إلي قال أحمد بن خالد وبه قال جماعة أصحاب مالك إلا أشهب فإنه أخذ بحديث بن عمر في صلاة الخوف ومن حجة مالك في اختياره حديث القاسم بن محمد القياس على سائر الصلوات في أن الإمام ليس له أن ينتظر أحدا سبقه بشيء وأن السنة المجتمع عليها أن يقضي المأمومون ما سبقوا به بعد سلام الإمام وقول أبي ثور في ذلك كقول مالك سواء لحديث القاسم عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وقال الشافعي حديث يزيد بن رومان عن صالح بن خوات مسند والمصير إليه أولى من حديث القاسم لأنه موقوف قال وهو أشبه الأحاديث في صلاة الخوف بظاهر كتاب الله عز وجل ومن حجته أن الله عز وجل ذكر استفتاح الإمام ببعضهم لقوله * (فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) * [النساء 102] وذكر انصراف الطائفتين والإمام من الصلاة معا بقوله * (فإذا قضيتم الصلاة) * [النساء 103] ذلك للجميع لا للبعض ولم يذكر أن على واحد منهم قضاء قال وفي الآية دليل على أن الطائفة الثانية لا تدخل في الصلاة إلا بانصراف الأولى لقوله " ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا النساء 102] وفي قوله فليصلوا معك دليل على أن الطائفة الثانية تنصرف ولم يبق عليها من الصلاة شيء يفعله بعد الإمام هذا كله نزع به بعض أصحاب الشافعي بالاحتجاج له على الكوفيين وغيرهم ولم يختلف قول مالك والشافعي وأبي ثور أن الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية بأم القرآن وسورة قبل أن تأتي الطائفة الأخرى ثم أتته فركع بها حين دخلت معه قبل
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»