الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠
وإن كان فات وقت الذي حضر وقتها وإن كانت ستة صلوات أو أكثر بدأ بالتي حضر وقتها ثم صلى الفوائت وعلى هذا مذهب أبي حنيفة والثوري والليث إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا الترتيب عندنا واجب في اليوم والليلة إذا كان في الوقت سعة للفائتة ولصلاة الوقت فإن خشي فوات صلاة الوقت بدأ بها فإن زاد على صلاة يوم وليلة لم يجب الترتيب عندهم والنسيان عندهم يسقط الترتيب أيضا وكذلك عند مالك وأصحابه لا يجب الترتيب في الفوائت مع صلاة الوقت إلا بالذكر وجوب استحسان بدليل إجماعهم أن من ذكر صلاة فائتة في وقت العصر أو صلوات يسيرة أنه إن قدم العصر على الفائتة أنه لا إعادة عليه للعصر التي صلاها وهو ذاكر فيها للفائتة إلا أن يبقى من وقتها ما يعيدها فيه قبل غروب الشمس وهذا يدلك على أن قولهم من ذكر صلاة في صلاة أنها تنهدم أو تفسد عليه أنه كلام ليس على ظاهره ولو كان على ظاهره لوجبت الإعادة عليه للعصر بعد غروب الشمس لأن ما ينفسد وينهدم يعاد أبدا وما يعاد في الوقت فإنما إعادته استحباب فقف على هذا الأصل وقال أبو حنيفة أيضا وأصحابه من فاتته صلاة فائتة وهو في صلاة أخرى من الصلوات الخمس فإن كان فيها أكثر من خمس صلوات مضى فيما هو فيه ثم صلى التي عليه وإن كان أقل من ذلك قطع ما هو فيه وصلى التي ذكر إلا أن يكون في آخر وقت التي دخل فيها فخاف فوتها أن يتشاغل بهذه فإن كان ذلك أتمها ثم قضى التي ذكر وقال أبو حنيفة ومحمد إن ذكر الوتر في صلاة الصبح فسدت عليه وإن ذكر فيها ركعتي الفجر لم تفسد عليه قال أبو عمر لأنهما يوجبان الوتر فجرت عندهما مجرى الخمس وقال أبو يوسف لا تفسد عليه بذلك الوتر ولا بركعتي الفجر وبه يأخذ الطحاوي وقد روي عن الثوري وجوب الترتيب ولم يفرق بين القليل والكثير واختلف في ذلك عن الأوزاعي وقال الشافعي الاختيار أن يبدأ بالفائتة إن لم يخف فوات هذه فإن لم يفعل وبدأ بصلاة الوقت أجزأه
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»