ومعلوم من قوله ما ترون في الشارب أنه لم يرد شارب الماء وكذلك كل ما أباح الله شربه فلم يبق إلا أنه أراد شارب ما حرم الله عليه ولا يعلم شرب شرابا مجتمعا على تحريمه إلا الخمر وكل مسكر عندنا خمر وفيه دليل على أن الشارب يعاقب وعقوبته كانت مردودة إلى الاجتهاد فلذلك جمع عمر رضي الله عنه الصحابة فشاورهم في حد الخمر فاتفقوا على ثمانين فصارت سنة وعليها العمل عند جمهور فقهاء المدينة وسيأتي بيان ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله وأما السرقة والزنا فقد أحكم الله الحد فيهما في كتابه على لسان نبيه مما لا مدخل للرأي فيه وفيه دليل على أن ترك الصلاة وترك إقامتها على حدودها من أكبر الذنوب ألا ترى أنه ضرب المثل لذلك بالزاني والسارق وشارب الخمر ومعلوم أن السرقة والزنا وشرب الخمر من الكبائر ثم قال شر السرقة وفي رواية مالك وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته يريد وشر من ذلك كله من يسرق صلاته فلا يتم ركوعها ولا سجودها وقد مضى القول في تارك الصلاة فيما تقدم من هذا الكتاب وأما من لم يتم ركوعها ولا سجودها فلا صلاة له وعليه إعادتها وأقل ما يجزئه من ذلك أن يضع يديه على ركبتيه ويعتدل راكعا أقل ما يقع عليه اسم ركوع ويتمكن فيه وكذلك لا يجزئه في السجود أقل من وضع وجهه في الأرض ويديه متمكنا أقل ما يقع عليه اسم ساجد غير ناقر قرأت على أبي محمد قاسم بن محمد أن خالد بن سعد حدثهم قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا بشر بن عمر قال حدثنا شعبة قال أخبرنا سليمان الأعمش قال سمعت عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود
(٣٣٣)