الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٩٦
وهو قول أبي حنيفة وأبي ثور وكان سالم بن عبد الله يصلي محلول الأزرار وقال داود الطائي إذا كان عظيم اللحية فلا بأس بذلك وقال الشافعي إذا كان الثوب ضيقا يزره أو يخلله بشيء لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورة فإن لم يفعل ورأى عورته أعاد الصلاة وهو قول أحمد بن حنبل وأجمع العلماء على أن ستر العورة فرض واجب بالجملة على الآدميين وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي عريانا وهو قادر على ما يستر به عورته من الثياب وإن لم يستر عورته وكان قادرا على سترها لم تجزه صلاته واختلفوا هل سترها من فروض الصلاة أم لا فقال أكثر أهل العلم وجمهور الفقهاء إنه من فروض الصلاة وإلى هذا ذهب أبو الفرج عمر بن محمد بن المالكي واستدل بأن الله (عز وجل) قرن أخذ الزينة بإتيان المساجد يعني بالصلاة المأمور بها في قول الله عز وجل * (خذوا زينتكم عند كل مسجد) * [الأعراف 31] هي الثياب الساترة للعورة لأن الآية نزلت من أجل الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء وروي عن بن عباس أنه قال كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة وتقول (اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه فلا أحله (1)) فنزلت " يبنىءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد " [الأعراف 31] وقد أوردنا هذا المعنى في التمهيد والحمد لله قال أبو عمر ستر العورة من فرائض الصلاة واستدل بالإجماع على أنه لا يجوز لأحد أن يصلي عريانا وهو قادر على الاستتار به وأنه من فعل ذلك فلا صلاة له وعليه إعادة ما صلى على تلك الحال وهذا سنة وإجماع لا خلاف فيه وأن الآية في أخذ الزينة نزلت فيمن كان يطوف بالبيت عريانا
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»