الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
ويحتمل أيضا أن يكون ذلك لمن قصده واعتمده وأما من نام عنه وغلبته عينه حتى انفجر الصبح وأمكنه أن يصليه مع الصبح قبل طلوع الشمس مما أريد بذلك الخطاب والله الموفق للصواب وإلى هذا المعنى أشار مالك رحمه الله وأما من أوجب قضاء الوتر بعد طلوع الشمس فقد شذ عن الجمهور وحكم للوتر بحكم الفريضة وقد أوضحنا خطأ قوله فيما مضى من هذا الكتاب روي ذلك عن طائفة من التابعين منهم طاوس وهو قول أبي حنيفة وخالفه صاحباه إلا أن من أهل العلم من استحب ورأى إعادة الوتر بعد طلوع الشمس وقال الثوري إذا طلعت الشمس فإن شاء قضاه وإن شاء لم يقضه وقال الأوزاعي يقضيه متى ما ذكره من يومه حتى يصلي العشاء الآخرة فإن لم يذكر حتى صلاة العشاء لم يقضه بعد فإن فعل شفع وتره قال الليث يقضيه بعد طلوع الشمس وقال مالك والشافعي لا يقضيه واختلف أصحابنا وغيرهم فيمن ذكر الوتر في صلاة الصبح واختلف في ذلك أيضا قول مالك على قولين فقال مرة يقطع ويصلي الوتر واختاره بن القاسم فضارع في ذلك قول أبي حنيفة في إيجاب الوتر ومرة قال مالك لا يقطع ويتمادى في صلاة الصبح ولا شيء عليه ولا يعيد الوتر وهو قول الشافعي والجمهور من العلماء وهو الصواب لأن القطع لمن ذكر الصلاة وهو في صلاة لم يكن من أجل شيء غير الترتيب في صلاة اليوم ومعلوم أنه لا رتبة بين الوتر وصلاة الصبح لأنه ليس من جنسها وإنما الرتبة في المكتوبات لا في النوافل من الصلوات وما أعلم أحدا قال يقطع صلاة الصبح لمن ذكر فيها أنه لم يوتر إلا أبا حنيفة وبن القاسم
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»