يديه من إنائه فغلسها ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء فمضمض واستنشق واستنثر وذكر تمام الحديث واختلف العلماء فيمن ترك الاستنشاق والاستنثار في وضوئه ناسيا أو عامدا أعاد الوضوء وبه قال أبو ثور وأبو عبيد في الاستنثار خاصة دون المضمضة وهو قول داود في الاستنثار خاصة وكان أبو حنيفة وأصحابه والثوري يذهبون إلى إيجاب المضمضة والاستنشاق في الجنابة دون الوضوء وكان حماد بن أبي سليمان وبن أبي ليلى وطائفة يوجبونهما في الوضوء والجنابة معا وأما مالك والشافعي والأوزاعي وأكثر أهل العلم فإنهم ذهبوا إلى أنه لا فرض في الوضوء واجب إلا ما ذكر الله في القرآن وذلك غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين وقد أوضحنا معاني أقوالهم وعيون احتجاج كل واحد منهم فيما تقدم من هذا الباب والحمد لله وأما قوله ((ومن استجمر فليوتر)) فمعنى الاستجمار إزالة الأذى من المخرج بالأحجار والجمار عند العرب الحجارة الصغار وقد ذكرنا تصريف هذه اللفظة في اللغة وشواهد الشعر على ذلك في التمهيد والاستجمار هو الاستنجاء وهو إزالة النجو من المخرج بالماء أو بالأحجار واختلف الفقهاء في ذلك هل هو فرض واجب أو سنة مسنونة فذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أن ذلك ليس بواجب فرضا وأنه سنة لا ينبغي تركها وتاركها مسيء فإن صلى كذلك فلا إعادة عليه إلا أن مالكا يستحب له الإعادة في الوقت وعلى ذلك أصحابه وأبو حنيفة يراعي [أن يكون] ما خرج عن في المخرج مقدار الدرهم على أصله وسيأتي ذكره في موضعه وقال الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وداود والطبري الاستنجاء واجب ولا تجزئ صلاة من صلى دون أن يستنجي بالأحجار أو بالماء والمخرج مخصوص بالأحجار عند الجميع ويجوز عند مالك وأبي حنيفة الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار إذا ذهب النجو لأن الوتر يقع على الواحد فما فوقه من الوتر عندهم مستحب وليس بواجب
(١٣٥)