الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٦٩
على آخره لأن من فاته أول الوقت فاته كمن فاته الوقت كله والدليل على تفضيل أول الوقت على آخره حديث أبي عمرو الشيباني عن بن مسعود قال ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال الصلاة لأول وقتها)) (1) وحديث عبد الملك بن عمير عن أبي خيثمة عن الشفاء ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها)) وحديث عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال ((الصلاة في أول وقتها)) وقد ذكرنا هذه الآثار من طرق في كتاب ((التمهيد)) وفي قوله تعالى * (فاستبقوا الخيرات) * [البقرة 148] ما يكفي مع أنه معلوم في شواهد العقول أنه مزيد وإلى الطاعة أفضل ممن تأخر عنها وإن كان مباحا له التأخير وبالله التوفيق قال مالك من أدرك الوقت وهو في سفر فأخر الصلاة ساهيا أو ناسيا حتى قدم على أهله أنه إن كان قدم على أهله وهو في الوقت فليصل صلاة المقيم وإن كان قد قدم وقد ذهب الوقت فليصل صلاة المسافر لأنه إنما يقضي مثل الذي كان عليه قال مالك وهذا الأمر الذي أدركت عليه الناس وأهل العلم ببلدنا أما قوله ساهيا فهو الذي يسهو فلا يذكر غفلة وشغلا وأما قوله ناسيا فهو الذي يذكر في أول الوقت صلاته ثم ينسى وقد قيل إن السهو والنسيان متداخلان ومعناهما واحد وأما قوله إن كان قدم على أهله وهو في الوقت وقوله إن كان قدم وقد ذهب الوقت فقد تقدم مذهبه وما يراعى من الوقت في ذلك وما كان مثله في صلاتي النهار وصلاتي الليل وفي الآخرة منها عند ذكر قوله عليه السلام ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس)) فلا وجه لتكرار ذلك وأما قوله إنه إنما يقضي مثل الذي كان عليه فإن الحجة في ذلك قوله عليه السلام من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»