الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٩٧
وأما قوله لم تزل الصبح ينادى لها قبل الفجر فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها ينادى لها إلا بعد أن يحل وقتها فهذا يدلك على أن الأذان عنده مأخوذ من العمل لأنه لا ينفك منه كل يوم فيصح الاحتجاج فيه بالعمل لأنه ليس مما ينسى وكذلك غيره احتج بالعمل فيه أيضا لما قدمنا ذكره وكذلك اختلف العلماء في هذه المسألة فذهب أهل الحجاز والشام وبعض أهل العراق إلى إجازة الأذان لصلاة الفجر قبل طلوع الفجر وممن قال بذلك مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وداود والطبري وهو قول أبي يوسف القاضي وروى عبد الملك بن الحسن عن بن وهب قال لا يؤذن لها إلا بالسحر فقيل له وما السحر قال السدس الآخر وقال بن حبيب يؤذن لها من بعد خروج وقت العشاء وذلك نصف الليل وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن والثوري لا يؤذن للفجر حتى يطلع الفجر وهو قول بن مسعود وأصحابه وعائشة وإبراهيم النخعي ونافع مولى بن عمر والشعبي وجماعة وقد ذكرنا حجة كل فرقة منهم من جهة الآثار في باب حديث الزهري عن سالم عند قوله - عليه السلام ((إن بلالا ينادي بليل)) من كتاب التمهيد 130 - وأما قوله أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح (فوجده نائما) فقال الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح فلا أعلم أنه روي هذا عن عمر من وجه يحتج به وتعلم صحته وإنما فيه حديث هشام بن عروة عن رجل يقال له إسماعيل لا أعرفه وذكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عمر عن رجل يقال له إسماعيل قال جاء رجل يؤذن عمر بصلاة الصبح فقال الصلاة
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»