الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٥
وأبي بن كعب وأبي طلحة الأنصاريين أنهم كانوا لا يرون على من أكل شيئا مسته النار وضوءا وأنهم كانوا يأكلون ذلك ولا يحدثون قبل الصلاة وبعد أكلهم ما مست النار - وضوءا ودل ذلك من فعله على عمله باختلاف الآثار المسندة في هذا الباب فأعلم الناظر في موطئه أن عمل الخلفاء الراشدين بترك الوضوء مما مست النار دليل على أنه منسوخ وأن الآثار الواردة بذلك ناسخة للآثار الموجبة له وقد جاء هذا المعنى عن مالك أيضا وروى محمد بن الحسن أنه سمع مالكا يقول إذا جاء عن النبي - عليه السلام - حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر كان في ذلك دلالة على أن الحق فيما عملا به وقد ذكرت في التمهيد حديث الأوزاعي قال كان مكحول يتوضأ مما مست النار حتى لقي عطاء بن أبي رباح فأخبره عن جابر أن أبا بكر الصديق أكل ذراعا أو كتفا ثم صلى ولم يتوضأ فترك مكحول الوضوء فقيل له أتركت الوضوء فقال لأن يقع أبو بكر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرنا حديث حماد بن زيد قال سمعت أيوب يقول لعثمان البتي إذا سمعت أبدا خلافا عن النبي - عليه السلام - وبلغت فانظر ما كان عليه أبو بكر وعمر فشد به يديك قال حماد بن زيد سمعت خالدا الحذاء يقول كانوا يرون أن الناسخ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه أبو بكر وعمر وذكرنا حديث الليث عن يحيى بن سعيد قال كان أبو بكر وعمر أتبع الناس لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن زبان قال حدثنا زكريا بن يحيى كاتب العمري قال حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني أنه كتب إلى يحيى بن سعيد الأنصاري يسأله هل يتوضأ مما مست النار فكتب إليه هذا مما يختلف فيه وقد بلغنا عن أبي بكر وعمر أنهما أكلا مما مسته النار ثم صليا ولم يتوضآ وقد حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا بن أبي العقب بدمشق قال حدثنا أبو زرعة قال حدثنا علي بن عياش قال حدثنا بن أحمد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال ((كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»