وقد لخص الأستاذ أبو الوفاء مصطفى المراغي ترجمته بأسلوب بديع ورائع في مقدمة كتابه اللباب في شرح الشهاب فقال:
القضاعي عالم مصري، وفقيه شافعي، نشأ في بيئة علمية، فأحب العلم، وكلف به، فوالده سلامة بن جعفر كان عالما مشغوفا بالعلم، تتلمذ للمزني، وكان يحفظ ما يأخذ عنه، وكان مقربا إلى ابن طولون، وكان ابن طولون يستعبره الرؤيا، فنسج القضاعي الابن على منوال القضاعي الأب، ونهج نهجه، ورحل إلى البلاد في طلب العلم، ووصل إلى الحجاز والشام والقسطنطينية، وسمع الحديث بمكة، وتفنن في علوم كثيرة حتى قال ابن مأكولا: لم أر في مصر من يجري مجراه.
وآثاره العلمية تشير إلى أنه تضلع في علوم التفسير والحديث والتاريخ، وقد رشحه علمه لوظيفة القضاء، فولي قضاء مصر، ورشحه أدبه للكتابة، فكتب للوزير علي بن أحمد الجرجرائي، ورشحه سياسته وكياسته لوظيفة السفارة، فسفر لمصر إلى الروم وأقام مدة بالقسطنطينية، ولم تشغله السفارة بها عن العلم، فأخذ بها عن بعض علمائها، كما أخذ بعضهم عنه. وكان الفاطميون يعظمونه لعلمه ومواهيه، والظاهر أن زهده حمله على أن يولي الوعظ والارشاد عنايته، فألف في ذلك عدة كتب كما يتبين من ثبت كتبه.
أما أخلاقه وسيرته، فقد اتفق المترجمون على أنه كان محمود السيرة زاهدا خيرا، يتعد المساكين ببره وصدقاته، وذكروا عنه: أنه كان يبعث أولاده بالليل إلى بيوت الأرامل بالصدقات، وإذا أعجبه طعام تصدق به، وحسبه أن يقول عنه السخاوي: وشهرته تغني عن الاطناب في مناقبه.
والقضاعي هذا: هو أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون بن إبراهيم بن محمد بن مسلم.