سؤالات حمزة - الدارقطني - الصفحة ٣٩
الراوي ويختبر رواياته ثم يحكم عليه فيكون حكمه حكما دقيقا مستندا على أدلة علمية بعيدا عن التسرع والعجلة مثال ذلك الترجمة (142) من الضعفاء وهو جابر بن يزيد الجعفي، فقد قال فيه أبو حفصة: (ما رأيت أكذب من جابر الجعفي.) وتركه (يحيى بن مهدي) وقال النسائي: (متروك) وغير ذلك من النقاد، في حين نرى ان الدارقطني يسلك منهجا معتدلا وسطا فيقول: (ان اعتبر له بحديث بعد حديثا صالحا إذا كان عن الأئمة.) فقول الدارقطني فيه هو قول الناقد المتأمل في رواياته العارف بها فإنه لم يتركه مطلقا ولم يوثقه مطلقا.. بل اعطى فيه حكما وسطا الا هو ان اعتبر له بحديث يعد صالحا فهو الحديث الذي رواه عنه الأئمة. وكذا الحال بالنسبة للترجمة رقم (323) من الضعفاء وهو عبد الله بن لهيعة فإنه قال فيه: (يعتبر بما يروي عنه العبادلة، ابن المبارك، والمقرئ، وابن وهب).
ويوافقه الذهبي على هذا فيقول في تذكرة الحفاظ: 1 / 238: (فحديث هؤلاء عنه أقوى، وبعضهم يصححه، ولا يرتقي إلى هذا) وكذا بالنسبة للترجمة (46) من سؤالات السهمي وهو محمد بن عثمان بن أبي شيبة فقد كذبه اقرانه واتهموه بتهم شتى، وعندما سئل عنه الدارقطني يجيب بقوله: (كان يقال: اخذ كتاب أبي انس وكتب منه فحدث.) فقوله كان يقال: فيه اشعار بتضعيف القول كما أنه لم يتهمه بما اتهمه الآخرون، وقال عنه في سؤالات الحاكم: (ضعيف).
وأمثال هذا كثير سيلا حظه الباحث وهو يطالع الكتاب.
ان نزاهة الدارقطني، واعتداله في الجرح والتعديل جعلت له المكانة المرموقة بين الحفاظ والنقاد فهذا الذهبي يقول في ترجمة محمد بن الفضل السدوسي، شيخ البخاري بعد أن نقل قولي ابن حبان الذي ضعفه، وقول الدارقطني الذي وثقه: (قلت: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست