كتاب الغرباء - محمد بن الحسين الآجري - الصفحة ٤١
كل شئ له فيه لذة ينام بالليل في الأودية والشعاب ويقيل النهار في فيافي الجبال والشجر على التراب، وإذا مر بما تهواه النفوس لم يعرج عليه يحادث نفسه بالصبر عنه، [يقول لها]. حتى أبلغ مستقري فأمنحك ما تحبين.
إذا أجهده السير يبكي بحرقة، ويئن بزفرة ويختنق بعبرة، لا يجفو على من جفا عليه، ولا يؤاخذ من آذاه، ولا يبالي من جهله، قد هان عليه في غربته جميع أمور، الدنيا حتى يقطع السفر ويرد الحضر.
فقيل لهذا المؤمن العاقل الذي يريد الآخرة ويشنأ الدنيا: كن في الدنيا مثل هذا الغريب لا يعرج الا على ما قل وكفى وقد ترك ما كثر وإلهي، فإنك إذا فعلت ذلك كنت غريبا كعابر سبيل، حتى ترد الآخرة، وأنت مخف من الدنيا، حينئذ تحمد عواقب الصبر في جميع ما نالك من المشقة في سفرك، والله أعلم.
[21] - أخبرنا محمد قال: أنشدني أبو بكر، محمد بن الجهم المالكي لبعض الحكماء: [من الهزج] فتى كأس فلم يأسا * على ما يعطب الناسا (1) ولكن جد في السير * فما قصر مذ كأسا وقوم جمعوا الدنيا * فصار القوم حراسا فلم يشغل بهم قلبا * ولم يرفع بهم رأسا
(٤١)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست