فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات فوعظ الناس ثم قال إن الله أمرني بخمس كلمات ان أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن لا تشركوا بالله شيئا فإن من أشرك بالله شيئا فمثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال هذه داري وعملي فأد عملك فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله إلى غير سيده وإن الله عز وجل هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئا وإن الله أمركم بالصلاة فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده إذا قام يصلي فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو يصرف وأمركم بالصيام فإن مثل الصائم مثل رجل معه صرة مسك فهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره كلهم يشتهي ان يجد ريحها وإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وأمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروه فشدوا يده إلى عنقه فقدموه ليضربوا عنقه فقال لا تقتلوني فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال فأرسلوه فجعل يجمع لهم حتى فدى نفسه فكذلك الصدقة يفتدي بها العبد نفسه من عذاب الله وأمركم بكثرة ذكر الله وإن مثل ذلك كمثل رجل ظلمه العدو فانطلقوا في طلبه سراعا وانطلق حتى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه وكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منهم إلا بذكر الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع
(٢٨٨)