الزهد وصفة الزاهدين - أحمد بن محمد بن زياد - الصفحة ٧٢
فمن يرد أن يرضي ربه يسخط نفسه، ومن لا يسخط نفسه لا يرضى ربه.
إن كان كلما ثقل على الرجل شئ من دينه تركه، أوشك أن لا يبقى معه شئ.
136 - حدثنا أحمد قال: حدثنا جعفر بن أحمد الدهقان الكوفي قال:
حدثنا علي بن عبد المجيد قال: حدثنا جعفر بن صبيح عن عيسى المرادي قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: إن كنتم أصحابي وإخواني فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس، فإنكم إن لم تفعلوا فلستم من إخواني، إنما أعلمكم لتعلموا، ولا أعلمكم لتعجبوا، إنكم لا تبلغون ما تأملون إلا بصبركم على ما تكرهون، ولا تنالون ما تريدون إلا بترككم ما تشتهون، إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن كان بصره في قلبه، ولم يكن قلبه في بصر عينه، ما أبعد ما فات، وما أدنى ما هو آت، ويل لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركها، ويبقى بها وتغره، ويأمنها وتمكر به. ويل للمغترين قد أتاهم ما يكرهون، وجاءهم ما يوعدون، وفارقوا ما يحبون، في طول الليل والنهار، وويل لمن كانت الدنيا همه، والخطايا عمله، كيف يفتضح غدا لديه، لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، وإن كانت لينة، فإن القلب القاسي بعيد من الله تعالى، ولكن لا تعلمون، لا تنظروا في ذنوب الناس كهيئة الأرباب، وانظروا في ذنوبكم كهيئة العبيد، إنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فاحمدوا الله العافية، وارحموا أهل البلاء، مثل ما نزل الماء على الجبل لا يلين له، ومنذ متى تدرسون الحكمة، ولا تلين لها قلوبكم، بقدر ما تواضعون كذلك ترحمون، وبقدر ما تحرثون كذلك تحصدون. علماء السوء مثلهم كمثل شجرة الدفلا، تعجب من ينظر إليها، وتقتل من يأكلها. كلامكم شفاء يبرئ
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 » »»