جاء الاخر (فأشرف على الحلقة) فوجد صاحبه قد سبق وإذا المسبوق قد أخذته العبرة فتبينت ذلك في دائرة عينيه وإذا في يسراه رقاع صغار مكتوبة فقبض بيمينه رقعة منها وحذف بها في وسط الحلقة وانساب بين الناس مستخفيا وأنا أرمقه وكان ثم أبو عبيدة بن حربويه فنشر الرقعة وقرأها وفيها دعاء أن يدعو لصاحبها مريضا كان أو غير ذلك ويؤمن على الدعاء من حضر فقال الشيخ اللهم اجمع بينهما وألف قلوبهما واجعل ذلك فيما يقرب منك ويزلف لديك وأمنوا على دعائه ثم طوى الرقعة وحذفني بها فتأملت ما فيها فإذا فيها مكتوب:
عفا الله عن عبد أعان بدعوة * لخلين كانا دائما على الود إلى أن وشى واشى الهوى بنميمة * إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد فلما كان في الجمعة الثانية حضرا جميعا وإذا الاصفرار والانكسار قد زال فقلت لابن حربويه: انى أرى الدعوة قد أجيبت وأن دعاء الشيخ كان على التمام فلما كان في تلك السنة كنت فيمن حج فكأني أنظر إلى الغلامين محرمين بين منى وعرفة فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن تكهلا.
قال القفطي في تاريخ النحاة له: كان إبراهيم الحربي رأسا في الزهد عارفا بالمذاهب بصيرا بالحديث حافظا له... له في اللغة كتاب غريب الحديث وهو من أنفس الكتب وأكبرها في هذا النوع.
أبو الحسن بن جهضم - واه - حدثنا جعفر الخلدي حدثنا أحمد بن عبد الله بن ماهان سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: أجمع عقلاء كل ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنا بعيشه.
وكان يقول: قميصي أنظف قميص وازاري أوسخ ازار ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط وفرد عقبى هنا صحيح والاخر مقطوع ولا أحدث نفسي أنى أصلحهما ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حمى أجدها لا يغم الرجل نفسه