كتاب العمر والشيب - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٧١
65 - قال: وحدثني رجل من قريش، قال: قال الأصمعي: هذا البيت أحسن ما قيل في الشيب.
66 - حدثني سلمة بن شبيب (1)، عن أبي اليمان الحكم بن نافع قال: سمعت بقية بن الوليد، قال: كان رجل يقوم بشأن قوم، قال فبينما هو ذات يوم والمرآة في يده إذ نظر فإذا هو بشعرة بيضاء قد قدحت في لحيته، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، بريد الموت وهادم اللذات، طالما أطلقت نفسي فيما يسرها، يا قوم ارتادوا لأنفسكم غيري، وأنا تائب إلى الله، فابتنى خصا (2) فاعتزل فيه وتعبد حتى لقي الله.
67 - حدثنا سلمة قال: قال سهيل بن عاصم، حدثنا منصور، قال: حدثني عمر ابن عبد الحميد، قال: اعتم شهر بن حوشب (3)، وهو يريد سلطانا يأتيه، ثم أخذ المرآة ينظر في وجهه وعمامته، فنظر إلى لحيته فرأى شيبة فأخذها بيده ثم نقض عمامته وهو يقول: السلطان بعد الشيب، السلطان بعد الشيب.
68 - حدثني داود بن محمد بن يزيد (4)، قال: كان ابن السماك يقول في كلامه: إخواني ألا متأهب فيما يوصف له أمامه، ألا مستعد ليوم فقره وفاقته، ألا شاب عازم مبادر لمنيته، ليس يغره شباب سنه، ولا شدة قوته، ولا انبساط أمل مثله، ألا شيخ مبادر انقضاء مدته، وفناء أكله، جادا مشمرا فيما بقي من رمقه ما ينتظر من قد ابيضت شعرته بعد سوادها، وتكرش جلده بعد انبساطه، وتقوس ظهره بعد انتصابه واعتداله، وضعف ركنه، وقصر خطوه، وكل بصره، وقل طعمه، وذهب نومه، وأنكر الأشياء كلها منه، وبلي سنه شيئا بعد شئ في حياته، فرحم الله امرءا عقل أمره، وأحسن النظر لنفسه، واغتنم كل ليلة تأتي عليه، ويوم يمر به.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»