اجتمعت بنو تميم إلى إياس بن قتادة (1) في بعض أمورهم، فبينا هو يعتم والناس حوله، إذ نظر إلى شعرة بيضاء في لحيته، فحل عمامته ثم خرج إليهم فقال: ألستم تعلمون أني كنت أشهد معكم في كل أموركم.
قالوا: بلى قال: فوالله لا أشهد معكم مشهدا ولا أحضر معكم محضرا أبدا.
قال: فكان يأتي على أتان له يجمع عليها في المسجد.
59 - حدثنا أبو زكريا الخثعمي (2)، عن الأصمعي حدثنا العلاء بن أسلم، قال:
نظر إياس بن قتادة (2) في المرآة فرأى شيبة فقال: ألا أراني خميرا (4) لحاجات بني تميم والموت يطلبني فخرج فنزل الشبكة فاتخذها مسجدا فلم يزل يعبد الله حتى مات.
وقال: لأن ألقى الله مؤمنا مهزولا أحب إلي من أن ألقاه منافقا سمينا.
فقال الحسن رحمه الله علم أن النار تأكل اللحم ولا تأكل الإيمان.
60 - حدثني محمد بن الحسن (5) رحمه الله، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن زافة أي الغافقي، أن رجلا من أهل أيلة كان يقوم بأمرهم، فأخذ المرآة ذات يوم فنظر إلى شعرة بيضاء في لحيته، فقال: ألا أرى بريد الموت قد أسرع إلي، شأنكم أمرتكم، شأنكم ضيعتكم، وابتنى لنفسه خصا (6)، فلم يزل يتعبد فيه حتى مات.