رحمه الله في علم الحديث كتبا كثيرة منها هذا الكتاب الصحيح يقصد صحيح مسلم ومنها كتاب المسند الكبير على أسماء الرجال وكتاب الجامع الكبير على الأبواب وكتاب العلل وكتاب أوهام المحدثين التمييز وكتاب من ليس له إلا راو واحد - وهو كتابنا هذا - وكتاب طبقات التابعين وكتاب المخضرمين وغير ذلك قال النووي قال الحاكم أبو عبد الله وساق بإسناده إلى أحمد بن سلمة يقول رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما وفي رواية معرفة الحديث قال النووي (ص 8) ومن حقق نظره في صحيح مسلم رحمه الله واطلع على ما أودعه في أسانيده وترتيبه وحسن سياقته وبديع طريقته من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق وأنواع الورع والاحتياط والتخري في الرواية وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها وانتشارها وكثرة اطلاعه واتساع روايته وغير ذلك ما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرات والخفيات علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وكتب النووي فثلا في دقة مسلم ومنهجه في مقدمة المنهاج ننقل منه قطعا للمناسبة قال سلك مسلم رحمه الله في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والاتقان والورع والمعرفة وذلك مصرح بكمال ورعه وتمام معرفته وغزارة علومه وشدة تحقيقه بحفظه وتقعدده في هذا الشأن وتمكنه من أنواع معارفه وتبريزه في صناعته وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه لا يهتدي إليها إلا افراد في الاعصار فرحمه الله ورضي عنه قال ص (16) ومن ذلك اعتناؤه بضبط اختلاف لفظ الرواة كقوله حدثنا فلان وفلان واللفظ لفلان قال أو قالا حدثنا فلان وكما إذا
(١٤)