ولا شك أن مقصود الشهداء بذلك الحاق المطعون معهم ورفع درجته إلى درجاتهم وأما الأموات على الفرش فلعله ليس مقصودهم أصالة أن لا ترفع درجة المطعون إلى درجات الشهداء فإن ذلك حسد مذموم وهو منزوع عن القلوب في ذلك الدار وإنما مرادهم أن ينالوا درجات الشهداء كما نال المطعون مع موته على الفراش فمعنى قولهم إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا أي فإن نالوا مع ذلك درجات الشهداء ينبغي أن ننالها أيضا وعلى هذا فينبغي أن يعتبر هذا الخصام خارج الجنة والا فقد جاء فيها ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم فينبغي أن ينال درجة الشهداء من يشتهيها في الجنة والظاهر أن الله تعالى ينزع من قلب كل أحد في الجنة اشتهاء درجة من فوقه ويرضيه بدرجته والله تعالى أعلم قوله يعجب من رجلين العجب وأمثاله مما هو من قبيل الانفعال إذا نسب إلى الله تعالى يراد به غايته فغاية العجب بالشئ استعظامه فالمعنى عظيم شأن هذين عند الله وقيل بل المراد بالعجب في مثله التعجيب ففيه إظهار أن هذا الامر عجيب وقيل بل العجب صفة سمعية يلزم إثباتها مع نفي التشبيه وكمال التنزيه كما هو مذهب أهل التحقيق في أمثاله وقد سئل مالك عن الاستواء فقال الاستواء معلوم والكيف غير معلوم والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة ومثله الكلام في الضحك والله تعالى أعلم
(٣٨)