فعل نال أجرا عظيما ومن ترك فلا اثم عليه قوله الصوم لي وأنا أجزي به قد ذكروا له معاني لكن الموافق للأحاديث أنه كناية عن تعظيم جزائه وأنه لا حد له وهذا هو الذي تفيده المقابلة في حديث ما من حسنة عملها بن آدم الا كتب له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف الا الصيام فإنه لي وأنا أجزى به وهذا هو الموافق لقوله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وذلك لان اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنه مخصوص بعظيم لا نهاية لعظمته ولاحد لها وأن ذلك العظيم هو المتولي لجزائه مما ينساق الذهب منه إلى أن جزاءه مما لا حد له ويمكن أن يقال على هذا معنى قوله لي أي أنا منفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيفه وبه تظهر المقابلة بينه وبين قوله كل عمل ابن آدم له الا الصيام هو لي أي كل عمله له باعتبار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا لما بين الله تعالى فيه الا الصوم فإنه الصبر الذي لا حد لجزائه جدا بل قال إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ويحتمل أن يقال معنى قوله كل عمل بن آدم له الخ أن جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية والخدمة فتكون لائقة له مناسبة لحاله بخلاف الصوم فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب تبارك وتعالى وأما حديث ما من حسنة عملها ابن آدم الخ فيحتاج على هذا المعنى إلى تقدير بأن يقال كل عمل بن آدم جزاؤه محدود لأنه له أي على قدره الا الصوم فإنه لي فجزاؤه غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري والله تعالى أعلم حين يفطر من الافطار أي يفرح حينئذ
(١٥٩)