بكى قيل ما يبكيك قالوا لم يكن بكاء موسى عليه الصلاة والسلام حسدا على فضيلة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وأمته فإن الحسد مذموم من آحاد المؤمنين وأيضا منزوع منهم في ذلك العالم فكيف كليم الله الذي اصطفاه الله تعالى برسالته وكلامه بل كان أسفا على ما فاته من الاجر بسبب قلة اتباع قومه وكثرة مخالفتهم وشفقته عليهم حيث لم ينتفعوا بمتابعته انتفاع هذه الأمة بمتابعة نبيهم وقيل بل أراد بالبكاء تبشير نبينا صلى الله عليه وسلم وإدخال السرور عليه بأن أتباعه صلى الله تعالى عليه وسلم أكثر ولعل تحصيل هذا الغرض بالبكاء آكد من تحصيله بوجه آخر ففيه إظهار أنه نال منالا يغبطه مثل موسى والله تعالى أعلم وإطلاق الغلام لم يرد به استقصار شأنه فإن الغلام قد يطلق ويراد به القوى الطري الشاب والمراد منه استقصار مدته مع استكمال فضائله واستتمام سواد أمته ثم رفع على بناء المفعول أي قرب آخر ما عليهم أي ذلك الدخول آخر دخول يدوم عليهم ويبقى لهم فهو بالرفع خبر محذوف أولا يعودون آخر أجل كتب عليهم فهو بالنصب ظرف وبهذا ظهر كثرة ما خلق الله تعالى من الملائكة
(٢١٩)