شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٦٠
قال هذا وجه الحديث عندي والحديث المذكور رواه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف قال الحافظ بن حجر ولو صح لكان قاطعا للنزاع وقد ارتضى هذا الجواب المازري وابن الجوزي والقرطبي الثاني معناه أن الاعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير ويشهد له مساق رواية الموطأ حيث قال كل عمل بن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله قال الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به أي أجازي عليه خيرا كثيرا من غير تعيين لمقداره الثالث معنى قوله الصوم لي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي قال بن عبد البر كفى بقوله الصوم لي فضلا للصيام على سائر العبادات وروى النسائي عليك بالصوم فإنه لا مثل له لكن يعكر على هذا الحديث الصحيح واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة الرابع الإضافة إضافة تشريف وتعظيم كما يقال بيت الله وان كانت البيوت كلها لله الخامس أن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب جل جلاله فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته أضافه إليه قال القرطبي معناه أن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصيام فإنه مناسب لصفة من صفات الحق كأنه يقول إن الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي السادس أن المعنى كذلك لكن بالنسبة إلى الملائكة لان ذلك من صفاتهم السابع أنه خالص لله تعالى وليس للعبد فيه حظ بخلاف غيره فإن له فيه حظا لثناء الناس عليه بعبادته الثامن أن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك التاسع أن جميع العبادات توفى منها مظالم العباد إلا الصوم روى البيهقي عن بن عيينة قال إذا كان يوم القيامة يحاسب الله تعالى عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من عمله حتى لا يبقى له إلا الصوم فيتحمل الله تعالى ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة ويؤيده حديث أبي هريرة رفعه قال ربكم تبارك وتعالى كل العمل كفارة إلا الصوم الصوم لي وأنا أجزي به رواه الطيالسي وأحمد في مسنديهما العاشر ان الصوم لا يظهر فتكتبه الحفظة كما لا تكتب سائر أعمال القلوب
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»