وبهائهما وذلك يوجب لا محالة لهما من الخشوع والخضوع لرب العالمين وعظمته وجلاله ما يكون سببا لتجلي الرب تعالى لهما ولا يستلزم أن يكون تجلي الله سبحانه لهما في وقت معين كما يدنو من أهل الموقف عشية عرفة فيحدث لهما ذلك التجلي خشوعا آخر ليس هذا الكسوف ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى إذا تجلى لهما انكسفا ولكن اللفظة عند أحمد والنسائي ان الله تعالى إذا بدا لشئ من خلقه خشع له وافظ بن ماجة فإذا تجلى الله تعالى لشئ من خلقه خشع له فههنا خشوعا خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوئهما وانمحائه فتجلى الله لهما فحدث لهما عند تجليه تعالى خشوع آخر بسبب التجلي كما حدث للجبل إذا تجلى له تعالى خشوع أن صار دكا وساخ في الأرض وهذا غاية الخشوع لكن الرب تعالى يثبتهما لتجليه عناية بخلقه لانتظام مصالحهم بهما ولو شاء سبحانه لثبت الجبل لتجليه كما يثبتهما ولكن أرى كليمه موسى أن الجبل العظيم لم يطق الثبات لتجليه له فكيف تطيق أنت الثبات للرؤية التي سألتها وقال القاضي تاج الدين السبكي في منع الموانع الكبير الخلاف بين الفلاسفة وغيرهم من الفرق ثلاثة أقسام قسم لا يصدم مذهبهم فيه أصلا من أصول الدين وليس من ضرورة الشرع منازعتهم فيه قال الغزالي في كتاب تهافت الفلاسفة كقولهم خسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس وكقولهم ان كسوف الشمس معناه وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس وذلك عند اجتماعهما في العقدتين على دقيقة واحدة وهذا الفن لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض قال الغزالي ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين وضعف أمره وأن هذه الأمور يقوم عليها براهين هندسية حسابية لا يبقى معها ريبة فمن يطلع إليها ويحقق أدلتها حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوف وقدرهما ومدة بقائهما إلى الانجلاء إذا قيل له أن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه وإنما يستريب في الشرع وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقة أكثر من ضرره ممن يطعن فيه وهو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل فإن قيل فقد قال رسول الله صلى الله
(١٤٣)