وهو الماء الحار ثم قيل للاغتسال بأي ماء كان استحمام وذكر ثعلب أن الحميم يطلق أيضا على الماء البارد من الأضداد وعامة الشئ بمعنى جميعه وبمعنى معظمه والوسواس حديث النفس والأفكار والمصدر بالكسر قال الشيخ ولي الدين علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا النهي بأن هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المغتسل يتوهم أنه أصابه شئ من قطره ورشاشه فيحصل له وسواس وروى بن أبي شيبة في مصنفه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال إنما يكره البول في المغتسل مخافة اللمم وذكر صاحب الصحاح وغيره أن اللمم طرف من الجنون قال ويقال أيضا أصابت فلانا لمة من الجن وهو المس والشئ القليل وهذا يقتضي أن العلة في النهي عن البول في المغتسل خشية أن يصيبه شئ من الجن وهو معنى مناسب لان المغتسل محل حضور الشياطين لما فيه من كشف العورة فهو في معنى البول في الجحر لكن المعنى الذي علل به النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع قال ويمكن جعله موافقا لقول أنس بأن يكون المراد بالوسواس في الحديث الشيطان وفيه حذف تقديره فإن عامة فعل الوسواس أي الشيطان منه لكنه خلاف ما فهمه العلماء من الحديث ولا مانع من التعليل بهما فكل منهما علة مستقلة انتهى قلت بل هنا علة واحدة ولا منافاة فإن اللمم الذي ذكره أنس هو الوسواس بعينه وذلك طرف من الجنون فإن الذي يسمى في لغة العرب الوسواس هو الذي في لغة اليونان الماليخوليا وهي عبارة عن فساد الفكر وقد كثر في أشعار العرب والأحاديث والآثار إطلاق الوسواس مرادا به ذلك منها حديث أحمد عن عثمان رضي الله عنه قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم حزن أصحابه حتى كاد بعضهم يوسوس وقيل لولا مخافة الوسواس لسكنت في أرض
(٣٥)