عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٢٥٥
فنتكلم بين أيديهم بشيء، وفي رواية عروة بن الزبير عند الحارث بن أبي أسامة قال: أتيت ابن عمر فقلت: إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بشيء نعلم أن الحق غيره، فنصدقهم فقال: كنا نعد هذا نفاقا، فلا أدري كيف هو عندكم؟ قوله: كنا نعده من العد هكذا في رواية أبي ذر، وله عن الكشميهني، كنا نعد هذا، وعند ابن بطال: كنا نعد ذلك بدل هذا. قوله: نفاقا لأنه إبطان أمر وإظهار أمر آخر ولا يراد به أنه كفر بل إنه كالكفر، ولا ينبغي لمؤمن أن يثني على سلطان أو غيره في وجهه وهو عنده مستحق للذم، ولا يقول بحضرته خلاف ما يقوله إذا خرج من عنده لأن ذلك نفاق، كما قال ابن عمر وقال فيه، شر الناس ذو الوجهين... الحديث لأن يظهر لأهل الباطل الرضا عنهم ويظهر لأهل الحق مثل ذلك ليرضى كل فريق منهم ويريد أنه منهم، وهذه المذاهب محرمة على المؤمنين. فإن قلت: هذا الحديث وحديث أبي هريرة الذي يأتي الآن يعارضان قوله، للذي استأذن عليه: بئس ابن العشرة، ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب؟ قلت: لا يعارضه لأنه لم يقل خلاف ما قاله عنه، بل أبقاه على التجريح عند السامع، ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه، من الاستئلاف، وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق.
7179 حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عراك، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن شر الناس ذو الوجهين، الذي يأتي هاؤلاء بوجه وهاؤلاء بوجه انظر الحديث 3494 وطرفه مطابقته للترجمة من حيث إن ذا الوجهين أيضا يثني على قوم ثم يأتي إلى قوم آخر فيتكلم بخلافه.
ويزيد من الزيادة ابن حبيب المصري من صغار التابعين، وعراك بكسر العين المهملة وتخفيف الراء وبالكاف ابن مالك الغفاري المدني.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث.
قوله: ذو الوجهين ليس المراد منه حقيقة الوجه بل هو مجاز عن الجهتين مثل المدحة والمذمة، قال الله تعالى: * (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالو 1764; ا ءامنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالو 1764; ا إنا معكم إنما نحن مستهزءون) * أي: شر الناس المنافقون. قال الكرماني: فإن قلت: هذا عام لكل نفاق سواء كان كفرا أم لا، فكيف يكون سواء في القسم الثاني؟. قلت: هو للتغليظ وللمستحل أو المراد شر الناس عند الناس لأن من اشتهر بذلك لا يحبه أحد من الطائفتين.
28 ((باب القضاء على الغائب)) أي: هذا باب في بيان القضاء أي: الحكم على الغائب أي: في حقوق الآدميين دون حقوق الله بالاتفاق حتى لو قامت البينة على غائب بسرقة مثلا حكم بالمال دون القطع، وقال ابن بطال: أجاز مالك والليث والشافعي وأبو عبيد والجماعة الحكم على الغائب، واستثنى ابن القاسم عن مالك ما يكون للغائب فيه حجج كالأرض والعقار إلا إن طالت غيبته أو انقطع خبره، وأنكر ابن الماجشون صحة ذلك عن مالك، وقال: العمل بالمدينة على الغائب، مطلقا حتى لو غاب بعد أن يتوجه عليه الحكم قضى عليه، وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة: لا يقضي على الغائب مطلقا، وأما من هرب أو استتر بعد إقامة البينة فينادي القاضي عليه ثلاثا، فإن جاء وإلا أنفذ الحكم عليه. وقال ابن قدامة: أجازه أيضا ابن شبرمة والأوزاعي وإسحاق، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومنعه أيضا الشعبي والثوري، وهي الرواية الأخرى عن أحمد.
7180 حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها، أن هند قالت للنبي إن أبا سفيان رجل شحيح فأحتاج أن آخذ من ماله قال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»