عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٣
الجاهلية نساء يزنين فأراد أناس من المسلمين نكاحهن، فنزلت. وبه قال الزهري وقتادة، وعن سعيد بن المسيب: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: * (وانكحوا الأيامى منكم) * (0 النور: 32 ف والآية الأولى ناسخة لقوله تعالى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) * 0 النساء: 15 ف الآية ولقوله: * (واللذان يأتيانها منكم فأذوها) * 0 النساء: 16 ف فكل من زنى منهما أوذي إلى الموت، قاله مجاهد، وقال النحاس: لا خلاف في ذلك بين المفسرين قوله: * (لا تأخذكم بهما رأفة) * أي: لا تأخذكم بسببهما رحمة، والمعنى: لا تخففوا العذاب ولكن أوجعوهما. قوله: إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر يعني: إن كنتم تصدقون بتوحيد الله وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال.
قوله: طائفة اختلفوا في مبلغ عددها، فعن النخعي ومجاهد: أقله رجل واحد فما فوقه، وعن عطاء وعكرمة: رجلان فصاعدا، وعن الزهري: ثلاثة فصاعدا وعن ابن زيد: أربعة بعدد من تقبل شهادته على الزنى، وعن قتادة نفر من المسلمين. وقال الزجاج: لا يجوز أن تكون الطائفة واحدا لأن معناها معنى الجماعة، والجماعة لا تكون أقل من اثنين، وقال غيره: لا يمنع ذلك على قول أهل اللغة، لأن معنى طائفة: قطعة، يقال أكلت طائفة من الشاة أي: قطعة منها.
وقال ابن عيينة: رأفة في إقامة الحدود.
أي: قال سفيان بن عيينة في تفسير قوله تعالى: * (ولا تأخذكم بهما رأفة) * 0 النور: 2 يعني: رحمة في إقامة الحدود، ويروى: رأفة ويروى: رأفة إقامة الحدود بدون لفظ في، ويروى: قال ابن علية بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد الياء آخر الحروف وعليه جرى ابن بطال، والمعتمد هو الأول، وابن علية اسمه إسماعيل بن إبراهيم الأسدي البصري، وعليه اسم أمه مولاة لبني أسد.
6831 حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد العزيز هو ابن أبي سلمة الماجشون.
والحديث مضى في الشهادات عن يحيى بن بكير عن الليث عن الزهري عن عبيد الله... الخ. وأخرجه بقية الجماعة.
قوله: ولم يحصن على صيغة المجهول والمعلوم. قوله: جلد مائة بالنصب بنزع الخافض أي: بجلد مائة. قوله: وتغريب عام عطف عليه.
وفي التوضيح في الحديث تغريب البكر مع الجلد وهو حجة على أبي حنيفة ومحمد في إنكار التغريب. قلت: أبو حنيفة يحتج بظاهر القرآن فإنه لا نفي فيه، وقال مالك: ينفى البكر الحر ولا تغرب المرأة ولا العبد، وقال الثوري والأوزاعي والشافعي: يغرب المرأة والرجل. واختلف قول الشافعي في نفي العبد، وعند الشافعية: لا تغرب المرأة وحدها بل مع زوج أو محرم واختلف في المسافة التي تغرب إليها، فروي عن عمر رضي الله تعالى عنه، أنه قال: إلى فدك، ومثله عن ابنه، وبه قال عبد الملك، وزاد: إلى مثل الجيار من المدينة، وروي عن علي رضي الله تعالى عنه: من الكوفة إلى البصرة، وقال الشعبي: ينفيه من عمله إلى غيره. وقال مالك: يغرب عاما في بلد يحبس فيه لئلا يرجع إلى البلد الذي نفي منه، وعن أحمد: إلى قدر ما تقصر فيه الصلاة، وقال أبو ثور: إلى ميل وأقل منه. وقال ابن المنذر: يجزئ من ذلك ما يقع عليه اسم النفي قل أو كثر.
(قال ابن شهاب وأخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب غرب ثم لم تزل تلك السنة) هذا موصول بالسند المذكور أي قال محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أخبرني عروة بن الزبير بن العوام أن عمر إلى آخره وهذا منقطع لأن عروة لم يسمع من عمر رضي الله عنه لكنه ثبت عن عمر من وجه آخر أخرجه الترمذي حدثني أبو كريب ويحيى بن أكتم قالا حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي ضرب وغرب وأن أبا بكر ضرب وغرب وأن عمر ضرب وغرب ورواه النسائي أيضا وابن خزيمة وصححه الحاكم وذكر الترمذي أن أكثر أصحاب عبيد الله بن عمر رووه عنه موقوفا على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما قوله ' ثم لم تزل ' بفتح الزاي قوله ' تلك '
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»