وأكل أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما.
أكلهما كان في أيام خلافتهما لاشتغالهما بأمور المسلمين، ولهما من ذلك حق، وأثر أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، وصله أبو بكر بن أبي شيبة من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: لما استخلف أبو بكر قال: قد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، وفيه: فيأكل آل أبي بكر من هذا المال، وأثر عمر وصله ابن أبي شيبة أيضا وابن سعد من طريق حارثة بن مضرب بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها موحدة. قال: قال عمر: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة قيم اليتيم إن استغنيت عنه تركت، وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف.
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا؟ فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقلت: بلاى. فقال عمر: ما تريد إلى ذالك؟ قلت: إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين. قال عمر: لا تفعل فإني كنت أردت الذي أردت. فكان رسول الله يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال النبي خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك وعن الزهري قال: حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر يقول: كان النبي يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال النبي خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك انظر الحديث 1473 وطرفه مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة، والزهري محمد بن مسلم، والسائب بن يزيد من الزيادة ابن أخت نمر بفتح النون وكسر الميم بعدها راء هو الصحابي المشهور، وأدرك من زمن النبي ست سنين وحفظ عنه، وهو من أواخر الصحابة موتا، وآخر من مات منهم بالمدينة. وقال أبو عمر: قيل: إنه توفي سنة ثمانين، وقيل: ست وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين، وهو ابن أربع وتسعين، وقيل: ست وتسعين، وحويطب تصغير الحاطب بالمهملتين ابن عبد العزى، اسم الصنم المشهور، العامري من الطلقاء كان من مسلمة الفتح وهو أحد المؤلفة قلوبهم، أدرك الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها، وأعطي من غنائم بدر مائة بعير وكان ممن دفن عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه، وباع من معاوية دارا بالمدينة بأربعين ألف دينار، مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية. وهو ابن مائة وعشرين سنة، وعبد الله بن السعدي هو عبد الله بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود، وإنما قيل له: ابن السعدي، لأن أباه كان مسترضعا في بني سعد، مات بالمدينة سنة سبع وخمسين وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد.
وهذا الإسناد من الغرائب اجتمع فيه أربعة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم.
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة عن أبي الطاهر بن السرح وغيره، وأخرجه أبو داود فيه وفي الجراح عن أبي الوليد الطيالسي عن ليث به. وأخرجه النسائي في الزكاة عن قتيبة به وغيره.
قوله: ألم أحدث بضم الهمزة وفتح الحاء وتشديد الدال. قوله: تلي من أعمال الناس أي: الولايات من إمرة أو قضاء أو نحوهما، ووقع في رواية بشر بن سعيد عند مسلم: استعملني عمر، رضي الله تعالى عنه، على الصدقة، فعين الولاية. قوله: فإذا