ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي، فاجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم، وانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك فكان يأتي ببركة النبي المدينة نسيم بارد، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها، وقال بعض أصحابنا: لقد رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام من المدينة، وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى. وقال النووي: تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام، وقال أبو شامة في ذيل الروضتين وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة فيها شرح أمر عظيم حدث بها، فيه تصديق لما في الصحيحين فذكر هذا الحديث. وفي بعض الكتب: ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة، بينها وبين المدينة نصف يوم، انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد، وفي كتاب آخر: سال منها واد مقداره أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال يجري على وجه الأرض يخرج منها مهاد وجبال صغار، وفي كتاب آخر: ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة. قوله: تضيء أعناق الإبل تضيء فعل وفاعل. وأعناق الإبل مفعوله. وتضئ يأتي لازما ومتعديا. قوله: ببصرى بضم الباء الموحدة وإسكان الصاد المهملة وبالراء مقصورا مدينة معروفة، وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.
7119 حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، حدثنا عقبة بن خالد، حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمان، عن جده حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا قال عقبة: وحدثنا عبيد الله حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي مثله إلا أنه قال: يحسر عن جبل من ذهب مطابقته للترجمة من حيث إنه ذكر عقيب الحديث السابق، وبنيهما مناسبة في كون كل منهما من أشراط الساعة. والمناسب للشيء مناسب لذلك الشيء.
وشيخه عبد الله بن سعيد هو أبو سعيد الأشج مشهور بكنيته وصفته وهو من الطبقة الوسطى الثالثة من شيوخ البخاري وعاش بعد البخاري سنة واحدة ومات سنة سبع وخمسين ومائتين، وعقبة بالقاف ابن خالد الكوفي، وعبد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم، المشهور بالعمري، وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة ابن عبد الرحمان بن خبيب بن يساف الأنصاري.
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن سهل بن عثمان عن عقبة. وأخرجه أبو داود في الملاحم والترمذي في صفة الجنة جميعا عن أبي سعيد عن عبد الله بن سعيد بن الأشج به.
قوله: عن جده حفص بن عاصم أي: ابن عمر بن الخطاب، والضمير لعبيد الله بن عمر لا لشيخه. قوله: يوشك أي: يقرب وهو بكسر الشين المعجمة. قوله: الفرات نهر مشهور بالتاء المجرورة وقيل: يجوز أن يكتب بالهاء كالتابوت والتابوه والعنكبوت والعنكبوه. قوله: أن يحسر بفتح أوله وسكون الحاء المهملة وكسر السين المهملة وفتحها أي: ينكشف عن الكنز لذهاب مائه وهو لازم ومتعد. قوله: فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا هذا يشعر بأن الأخذ منه ممكن بأن يكون دنانير أو قطعا أو تبرا، ولكن وجه منع الأخذ لأنه مستعقب للبليات، وهو آية من الآيات. وقال ابن التين: إنما نهى عن الأخذ منه لأنه للمسلمين فلا يؤخذ إلا بحقه. واعترض عليه بأنه غير ظاهر، وإنما النهي لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه. وأخرج مسلم من حديث أبي بن كعب: سمعت رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول: يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فإذا سمع الناس ساروا إليه فيقتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون. فإن قلت: وقع عند ابن ماجة فيه: فيقتل من كل عشرة تسعة. قلت: هذه رواية شاذة، والمحفوظ رواية مسلم، ويمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى طائفتين.
قوله: قال عقبة هو ابن