عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢٠
وسلم، حتى قبض ثم كان مع المسلمين حتى قتل باليمامة شهيدا. وقيل: قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. قوله: (إن دوسا قد عصت وأبت). أي: امتنعت عن الإسلام، ودوس قبيلة أبي هريرة. قوله: (وائت بهم) أي: مسلمين، أو كناية عن الإسلام، وهذا من خلقه العظيم ورحمته على العالمين حيث دعا لهم وهم طلبوا الدعاء عليهم، وحكى ابن بطال أن الدعاء للمشركين ناسخ الدعاء عليهم ودليله قوله تعالى: * ((3) ليس لك من الأمر شيء) * (آل عمران: 821) ثم قال: والأكثر على أن لا نسخ وأن الدعاء على المشركين جائز.
26 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت)) أي: هذا باب في ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم أي: يا الله اغفر لي ما قدمت وما أخرت. قال النووي: قال ذلك تواضعا، وعد ذلك على نفسه ذنبا. وقيل: أراد ما كان عن سهو، وقيل: ما كان قبل النبوة، وعلى كل حال هو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فدعا بهذا وغيره تواضعا، ولأن الدعاء عبادة.
قلت: هذا إرشاد لأمته وتعليم لهم، وهو معصوم عن الذنوب جميعها قبل النبوة وبعدها، ويحتمل أن يكون المراد ما قدم الفاضل وأخر الأفضل.
8936 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الملك بن صباح. حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن ابن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يدعو بهاذا الدعاء: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذالك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد الملك بن صباح بفتح الصاد المهملة وتشديد الباء الموحدة البصري، وماله في البخاري إلا هذا الموضع، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وابن أبي موسى قال الكرماني: الطريق الذي بعده يشعر بأن المراد به أبو بردة بن أبي موسى يعني عامرا، والرواية التي بعد الطريق أنه هو أبو بكر بن أبي موسى، لكن قال الكلاباذي: هو عمرو بن أبي موسى، وأبو موسى هو عبد الله بن قيس الأشعري.
والحديث أخرجه مسلم في الدعوات أيضا عن عبيد الله بن معاوية وعن محمد بن بشار به.
قوله: (خطيئتي) هي الذنب، ويجوز فيه تسهيل الهمزة فيقال: خطية، بتشديد الياء. قوله: (وجهلي) الجهل ضد العلم. قوله: (وإسرافي) الإسراف هنا التجاوز عن الحد. قوله: (خطاياي) جمع خطيئة، وقد مر الكلام فيه عن قريب. قوله: (وعمدي) العمد ضد السهو والجهل ضد العلم والهزل ضد الجد وعطف العمد على الخطأ إما عطف الخاص على العام باعتبار أن الخطيئة أعم من التعمد، أو من عطف أحد المتقابلين على الآخر، بأن يحمل الخطيئة على ما وقع على سبيل الخطأ. قوله: (أنت المقدم) أي: تقدم من تشاء من خلقك إلى رحمتك بتوفيقك، (وأنت المؤخر) تؤخر من تشاء عن ذلك بخذلانك.
وقال عبيد الله بن معاذ: وحدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
هذا تعليق عن عبيد الله بتصغير عبد ابن معاذ بضم الميم العنبري التميمي البصري، قال الكرماني: ويروى: عبد الله، مكبرا وهو غير صحيح، وعبيد الله هذا يروي عن أبيه معاذ عن شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي عن أبي بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو الحديث المذكور. وأخرجه مسلم بصريح التحديث: حدثنا عبيد الله بن معاذ.
9936 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا إسرائيل حدثا أبو إسحاق
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»