عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٦
إلى الأشعر، واسمه: نبت بن أدد بن يشخب بن عريب بن زيد بن كهلان، وإنما قيل له الأشعر لأن أمه ولدته أشعر قوله: (استحمله) أي: أطلب منه ما يحملنا من الإبل ويحمل أثقالنا، وذلك كان في غزوة تبوك. قال الله تعالى: * (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) * (التوبة: 29) الآية. قوله: (ثم أتي) على صيغة المجهول أي النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (بثلاث ذود) بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وبالدال المهملة: وهو الإبل من الثلاث إلى العشرة، وهي مؤنثة ليس لها واحد من لفظها، والكثير أذواد، وقيل: الذود الواحد من الإبل بدليل قوله: (ليس فيما دون خمس ذود صدقة)، وقال القزاز: العرب تقول: الذود من الثلاثة إلى التسعة، وقال أبو عبيد: هي من الإناث، فلذلك قال: بثلاث ذود، ولم يقل: بثلاثة. وقال الكرماني: قيل: هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه. قوله: (غر الذرى)، بضم الغين المعجمة وتشديد الراء وهو جمع الأغر وهو الأبيض الحسن، والذرى بضم الذال المعجمة وفتح الراء وكسرها جمع ذروة بالكسر والضم، وذروة كل شيء أعلاه، والمراد هنا الأسنمة، وقد تقدم في كتاب الجهاد في: باب الخمس في غزوة تبوك، أنه ستة أبعرة، ولا منافاة بينهما، إذ ليس في ذكر الثلاث نفي الستة. قوله: (فحملنا) بفتح اللام أي: حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك: ثم حملنا، بفتح اللام. قوله: (بل الله حملكم) يعني: لا معطي إلا الله، والمعنى: إنما أعطيتكم من مال الله، أو: بأمر الله لأنه كان يعطي بالوحي. قوله: (وإني) اسم: إن، ياء الإضافة، وخبرها قوله: (لا أحلف).. إلى آخره، والجملتان معترضتان بين اسم إن وخبرها. قوله: (أو أتيت) إما شك من الراوي في تقديم: أتيت، على تقديم: كفرت، والعكس، وإما تنويع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى جواز تقديم الكفارة على الحنث وتأخيرها.
4266 حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: هاذا ما حدثنا به أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطى كفارته التي افترض الله عليه). (الحديث 5266 طرفه في: 6266).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (لأن يلج)... إلى آخره. وأما وجه إدخال قوله: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)، فهو أن هذا أول حديث في صحيفة همام عن أبي هريرة وكان همام إذا روى الصحيفة استفتح بذكره ثم سرد الأحاديث فذكره الراوي أيضا كذلك، وقال ابن بطال: وجه ذلك أنه يمكن أن يكون سمع أبا هريرة كذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نسق واحد فحدث بهما جميعا كما سمعهما، ويمكن أن الراوي فعل ذلك لأنه سمع من أبي هريرة أحاديث. أولها: ذلك فذكرها على الترتيب الذي ذكره.
وإسحاق بن إبراهيم يحتمل أن يكون ابن راهويه، ويحتمل أن يكون إسحاق بن نصر لأن كلا منهما روى عن عبد الرزاق ومعمر بفتح الميمين ابن راشد.
والحديث أخرجه ابن ماجة في الكفارات عن سفيان من قوله: إذا استلج.
قوله: (نحن الآخرون) أي: آخر الأمم (السابقون) يوم القيامة في الحساب ودخول الجنة.
قوله: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) بالفاء في رواية الكشميهني بالواو. قوله: (لأن يلج) من الإلجاج بالجيمين يعني: أقام على يمينه ولا يكفرها فيحللها ويزعم أنه صادق، وقيل: هو أن يحلف ويرى أن غيرها خير منها، فيقيم على ترك الكفارة، وذلك إثم وفي (الصحاح): لججت، بالكسر يلج لجاجا ولجاجة، ولججت بالفتح لغة. قوله: (بيمينه في أهله) يعني: إذا حلف يمينا يتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ولا يكون في الحنث معصية ينبغي له أن يحنث ويكفر، فإن قال: لا أحنث وأخاف الإثم، فهو مخطىء. قوله: (آثم له) بمد الهمزة وفتح الثاء المثلثة على وزن لفظ أفعل التفضيل وهو خير. قوله: (لأن يلج) لأن: أن مصدرية واللام للتأكيد. تقديره: لجاجه باستمراره في يمينه أشد إثما من أن يعطى... إلى آخره. ويجوز كسر إن. فقوله: (آثم) بالمد، أي: أكثر إثما قال الكرماني: هذا يشعر بأن إعطاء الكفارة فيه إثم لأن الصيغة تقتضي الاشتراك، ثم أجاب بأن نفس الحنث فيه إثم لأنه يسلتزم عدم تعظيم اسم الله تعالى، وبين إعطاء الكفارة وبينه ملازمة عادة.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»