عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٨٧
وهب المصري، وأحد مشايخ الطحاوي عن جرير بن حازم بالحاء المهملة والزاي عن أيوب السختياني منسوب إلى عمل السختيان أو بيعه، وهو فارسي معرب، وهي جلود عن محمد بن سيرين إلى آخره، ووصله الطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى عن بن وهب به واعترض عليه الإسماعيلي أيضا. فقال: ذكر هذا الحديث بلا خبر، وقد قال أحمد: حديث جرير بمصر كان على التوهم. أو كما قال: وقال الساجي حدث بالوهم بمصر ولم يكن يحفظ وأجيب بأنه قد وافقه غيره عن أيوب وفي الجملة هذه الطرق الخمسة يقوي بعضها بعضا والحديث في الأصل مرفوع فلا يضره الوقف.
قوله: (مع الغلام عقيقة)، تمسك بظاهر لفظة الحسن وقتادة، وقال: يعق عن الغلام ولا يعق عن الجارية وعند الجمهور: يعق عنهما لورود الأحاديث الكثيرة بذكر الجارية أيضا على ما يجيء الآن. قوله: (فأهريقوا)، يقال: هراق الماء يهريقه هراقة أي: صبه، وأصله: أراق يريق إراقة.
وفيه لغة أخرى: أهرق الماء يهرقه إهراقا على أفعل يفعل إفعالا لغة ثالثة أهرق يهريق إهرياقا واعلم أنه أبهم فيه ما يهراق، وكذا في حديث سمرة الآتي، وبين ذلك في عدة أحاديث.
ومنها: حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، أخرجه الترمذي مصححا من رواية يوسف بن ماهك بأنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمرهم عن الغلام شاتان مكافيتان وعن الجارية شاة وأخرجت الأربعة من حديث أم كرز أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم، عن العقيقة فقال: عن الغلام شاتان وعن الجارية واحدة ولا يضركم ذكرانا كن أم إناثا. قال الترمذي: صحيح وأخرج أبو داود والنسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه في أثناء حديث قال: من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافيتان وعن الجارية شاة. وقال داود بن قيس، رواية عن عمرو: سألت زيد بن أسلم عن قوله: (مكافأتان)، فقال: متشابهتان تذبحان جميعا. أي: لا يؤخر ذبح إحداهما عن الأخرى، وحكى أبو داود عن أحمد المتكافيان المتقاربان. قال الخطابي: أي: في السن، وقال الزمخشري: معادلتان لما تجزي في الزكاة وفي الأضحية، ووقع في رواية الطبراني في حديث آخر، قيل: ما المتكافيتان؟ قال: المثلان.
قوله: (وأميطوا)، أي: أزيلوا وقد مر في أول الباب. قوله: (والأذى)، قيل: هو إما الشعر أو الدم أو الختان، وقال الخطابي: قال محمد بن سيرين: لما سمعنا هذا الحديث طلبنا من يعرف معنى إماطة الأذى فلم نجد، وقيل: المراد بالأذى هو شعره الذي علق به دم الرحم فيماط عنه بالحلق، وقيل: إنهم كانوا يلطمون برأس الصبي بدم العقيقة، وهو أذى فنهى عن ذلك، وقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس، وأخرجه أبو داود عن الحسن كذلك، والأوجه أن يحمل الأذى على المعنى الأعم، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب ويماط عنه أقذاره، رواه أبو الشيخ.
* (حدثني عبد الله بن أبي الأسود حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته. فقال: من سمرة بن جندب) *.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود، واسم أبي الأسود حميد، وقريش مصغر القرش، بالقاف والراء والشين المعجمة ابن أنس بفتح الهمزة والنون البصري، مات سنة تسع ومائتين وليس له في البخاري سوى هذا الموضع، وحبيب بفتح الحاء المهملة، وسمرة بن جندب بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها الفزاري بالفاء وتخفيف الزاي وبالراء الكوفي الصحابي.
والحديث أخرجه الترمذي في الصلاة عن محمد بن المثنى عن قريش بن أنس به وأخرجه النسائي في العقيقة عن هارون بن عبد الله عن قريش به، وقد توقف البرد نجي في صحة هذا الحديث من أجل اختلاط قريش، هذا وزعم أنه تفرد به وأنه وهم، وكأنه تبع في ذلك ما حكاه الأثرم عن أحمد أنه ضعف حديث قريش هذا، وقال: ما أراه بشيء قلت: قريش تغير سنة ثلاث ومائتين واستمر على ذلك ست سنين، ومات سنة تسع ومائتين، ولقريش متابع، روى الطبراني في (الأوسط) من أن أبا حمزة رواه عن الحسن كرواية قريش سواء، ولعل سماع شيخ البخاري عن قريش كان قبل الاختلاط، وقال ابن حزم: لا يصح للحسن سماع عن سمرة إلا حديث العقيقة وحده، ورد عليه بما رواه
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 88 89 90 91 ... » »»