عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٨١
بسند ضعيف جدا، فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان، وعلى كل حال رؤيا الأنبياء عليهم السلام، وحي. قوله: (مطبوب) أي: مسحور، يقال: طب الرجل بالضم إذا سحر، فقال: كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا، كما قالوا للديغ: سليم، وقال ابن الأنباري الطب من الأضداد، يقال لعلاج الداء: طب، والسحر من الداء، فيقال له: طب. قوله: (في مشط ومشاطة) المشط بضم الميم وسكون الشين وبضمها وبكسر الميم وإسكان الشين، وأنكر أبو زيد كسر الميم وأثبته أبو عبيد، وهو الآلة المعروفة التي يسرح بها الرأس واللحية، والمشط العظم العريض في الكتف وسلاميات القدم ونبت صغير يقال له مشط الذئب، وقال القرطبي: يحتمل أن يكون الذي سحر فيه النبي أحد هذه الأربعة. قلت: المشهور هو الأول والمشاطة بضم الميم وتخفيف الشين المعجمة ما يخرج من الشعر عند التسريح، وفيه خلاف يأتي في آخر الباب. قوله: (وجف طلع نخلة ذكر) بإضافة جف إلى طلع، وإضافة طلع إلى نخلة، ويروى: طلعة نخلة، وقال الكرماني: التاء في طلعة ونخلة للفرق بين الجنس ومفرده، كتمر وتمرة، وقال عياض: وقع للجرجاني في البخاري، وللعذري في مسلم: جف، بالفاء ولغيرهما بالباء الموحدة، وفي رواية عيسى بن يونس هنا بالفاء، وللكشميهني ولغيره بالباء الموحدة، وفي روايته في بدء الخلق بالفاء للجميع، وفي رواية أبي أسامة للمستملي بالباء الموحدة، وللكشميهني بالفاء، وفي رواية أبي ضمرة في الدعوات بالفاء للجميع، وهو بضم الجيم وتشديد الفاء وعاء طلع النخل: وهو الغشاء الذي يكون عليه. وذكر القرطبي: الذي هو بالفاء وعاء الطلع مثل ما ذكرنا، وبالباء الموحدة داخل الطلعة إذا خرج منها الكفري، قاله شمر، ويطلق الجف على الذكر والأنثى فلذلك وصفه بقوله (ذكر) و (الطلع) ما يطلع من النخل وهو الكمء قبل أن ينشق، ويقال: ما يبدو من الكمء طلع أيضا وهو شيء أبيض يشبه بلونه الإنسان وبرائحته المني. قاله في (المغرب) قوله: (ذروان) بفتح الذال المعجمة وسكون الراء، وحكى ابن التين فتحها وأنه قرأه كذلك، قال: ولكنه بالسكون أشبه، وقال صاحب (التوضيح) وفي بعض نسخه: ذي أروان، بفتح الهمزة وسكون الراء وبالواو والنون، وهو بالمدينة في بني زريق، ووقع في (كتاب الدعوات): منه ذروان في بني زريق وعند الأصيلي عن أبي زيد: ذي أوان، بواو من غير راء، قال ابن قرقول: هو وهم إنما: ذو أوان، موضع آخر على ساعة من المدينة وبه بنى مسجد الضرار. وفي كتاب البكري: قال القتبي: هي بئر أروان، بالهمزة مكان الذال، وقال الأصمعي: وبعضهم يخطئ ويقول: ذروان قوله: (فأتاها) أي: فأتى البئر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (فجاء) أي: لما أتاها النبي صلى الله عليه وسلم وشاهدها، ثم رجع فجاء إلى عائشة وأخبرها، وفي رواية وهيب: فلما رجع قال: يا عائشة، وفي رواية أبي أسامة: فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى البئر فنظر إليها ثم رجع إلى عائشة. قوله: (نقاعة الحناء) بضم النون وتخفيف القاف، أراد أن ماء هذا البئر لونه كلون الماء الذي ينقع فيه الحناء، يعني: أحمر، والحناء بالمد معروف. وقال القرطبي: كان ماء البئر تغير إما لرداءته وطول إقامته، وإما لما خالطه من الأشياء التي ألقيت في البئر. قوله: (وكان رؤوس نخلها رؤوس الشياطين) وفي رواية بدء الخلق كأنه رؤوس الشياطين بدون ذكر النخل، شبهها برؤوس الشياطين في وحاشة منظرها وسماجة شكلها، وهو مثل في استقباح الصورة، قال الفراء: فيه ثلاثة أوجه. أحدها: أن يشبه طلعها في قبحه برؤوس الشياطين لأنهاموصوفة بالقبح. الثاني: أن العرب تسمى بعض الحيات شيطانا الثالث: نبت قبيح يسمي رؤوس الشياطين، قيل إنه يوجد باليمين فإن قلت: كيف شبهه بها ونحن لم نرها؟ قلت: على قول من قال: هي نبت أو حيات، ظاهر. وعلى القول الثالث: إن المقصود ما وقع عليه التعارف من المعاني، فإذا قيل: فلان شيطان، فقد علم أن المعنى خبيث قبيح، والعرب إذا قبحت مذكرا شبهته بالشيطان، وإذا قبحت مؤنثا شبهته بالغول، ولم ترها. والشيطان نونه أصلية ويقال: زائدة. قوله: (قلت: يا رسول الله) القائلة هي عائشة، ويروى: أفلا استخرجته. قوله: (قد عافاني الله) يحتمل معنيين: أحدهما: لما عافاني الله من مرض السحر فلا حاجة إلى استخراجه، والآخر: عافاني الله من الاشتغال باستخراج ذلك، لأن فيه تهييج الشر، وما أنا بفاعل لذلك. قوله: (أن أثور) بفتح الثاء المثلثة وتشديد الواو، ويروى: أن أثير، من الإثارة، وكلاهما بمعنى واحد. قوله: (شرا) منصوب لأنه مفعول: أثور، وفي رواية الكشميهني سوء وهو تعليم المنافقين السحر من ذلك ويؤذون المسلمين به، وهذا من باب ترك مفسدة لخوف مفسدة أعظم منها، ووقع في رواية ابن عيينة أنه استخرجه، وأن
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»